حسين علي محفوظ .. علامة العراق وعاشق بغداد
صبحي الجبوري
العلامة الكبير والمؤرخ القدير المرحوم دحسين علي محفوظ كان علما من اعلام الدراسة والتأليف، أحد كبار رجال الأدب والفكر في العراق.
ولد د حسين علي محفوظ عام (١٩٢٦م) في مدينة بغداد الكاظميه، وآل محفوظ هم من أسرة علمية عريقة تنتمي إلى قبيلة أسد العربيه، وكان جده الشيخ حسين اول من قدم للعراق من لبنان بعد هجرة العائلة من الحلة إلى لبنان وكان عمره حينذاك الثاني عشرة سنة، درس في الكاظمية وعشق بغداد وكتب عنها الكثير من المؤلفات والمقالات، ويعد الدكتور حسين من الشخصيات المعروفه والبارزة في عالم الأدب والفكر والمعرفه وعالما في مجال الدين والثقافه، شغل كرسي الأستاذية في كلية الآداب-جامعة بغداد، تخصص في اللغات الشرقيه، كان له مجلس أدبي خاص يعد ملتقى للمفكرين والأساتذة والمثقفين، له معرفة كبيرة في علم الأنساب وهو من كبار المتخصصين بحفظ الوثائق والتعامل معها.
أكمل دراسته الأولية في الكاظمية وتخرج في دار المعلمين في بغداد، حصل على شهادة البكالوريوس في الأدب باللغة العربيه (١٩٤٨)بدرجة آمتياز، ونال شهادة الدكتوراه في الآداب الشرقية عام(١٩٥٥)في جامعة طهران، عين مدرسا في دار المعلمين ومفتشا في وزارة المعارف حتى عام (١٩٥٩)م، إنتقل إلى كلية الآداب جامعة بغداد، دخل كلية لينغراد عام (١٩٦١م) وعين مدرسا للغة العربية وآدابها وحاز على لقب بروفيسور، أسس قسم الدراسات الشرقية في كلية الآداب - جامعة بغداد عام(١٩٦٩)م وأصبح رئيسا لها،فضلا عن إهتماماته البحثية التراثية باللغات الشرقية والدراسات الأكاديميه، كان لل د حسين دراية بالفقه وبذلك يكون قد جمع بين التخصص العلمي والديني وعلى أرفع مستوى، عرف عنه عشقه الواقع لبغداد والذي جسده عبر العديد من دفاعاته البحثية والتأليفية سواء في الكتب أو المقالات وكذلك في المحاضرات التي كان يلقيها في الكثير من المؤتمرات والندوات العلميه، كما ويعد ال د. حسين من أعمدة المجالس الأدبية والثقافية البغدادية،
وكانت له إسهامات كثيرة في الكتابات الشخصية في الصحف العراقية، كما يعد مرجعا مهما في علم الأنساب، عاصر كبار علماء ومثقفي وأدباء عصره، ومن أقربهم إلى نفسه عالم الإجتماع العراقي الأبرز د علي الوردي رحمه الله. لقب بعدة القاب منها، علامة العراق، شيخ بغداد، عاشق بغداد، أستاذ الأجيال، المفكر العربي الكبير، شيخ الأساتذه، الرائد الأمثل للتراث، عالم المخطوطات، ثم شيخ التراث.
ويذكر عن العلامة دحسين علي محفوظ إنه الرجل الذي إقترح للعراق المناسبات الألفية، المئوية، اليوبيلية الأساسية الذهبية والفضية، إقترح ذكرى تأسيس بغداد، ألفية الكندي، ألفية الفارابي، ألفية الرضى، ألفية الكوفه، ألفية سامراء، ألفية الكاظميه، ثم ألفية الشيخ المفيد.
وقد قال العلماء والمفكرون العرب والأجانب فيه ماقالوا وهذا بعض ماقيل عنه:
قال المهندس المعمار مصطفى داود في لقاء جمع المغتربين في بريطانيا عام (١٩٨٨)م عندما دار الحوار حول أنشتاين ومكانته وثقله الفكري في أوربا والغرب كونه رمزا للفكر العربي (الأستاذ ال دحسين علي محفوظ رمزا للفكر في العراق والوطن العربي في مقابل شخصية أنشتاين العلمية في الغرب) فهو مكتبة متنقلةوموسوعة متحركة تمشي على رجلين، ودائرة معارف سياره، كما لقبه علماءاوربا وأساتذة جامعاتها الكبرى في الندوة الربيعية الأولى للجامعه العربية الأوربية في بغداد.
أما العلامة الشيخ عيسى آسكندر فيقول (د حسين شيخ العبقرية المخلص، شيخ العرب وشيخ الادب) ويقول الشيخ فضل آلله الزنجاني وهو من كبار حكماء العصر
(العلامة المحدث الأديب نادرة الأيام والأعوام الشيخ حسين علي محفوظ).
وكان الأستاذ عمر فروخ الأديب العربي الكبير يذكره كلما ذكر التراث وكلما ألتقى بالمهتمين بالتراث،
إبتدأ التأليف عام (١٩٤٢م)ونظم الشعر في عام (١٩٣٩م) أنشأ مقالة من أجل الإنسان في عام (١٩٥٩م)ورسالة من أجل الأرض وأخينا الإنسان، ورسالة إلى الإنسان عام (٢٠٠٠ م) ، منحته فيها جامعة لينغراد لقب بروفيسورسنة (١٩٦١م) . تناول محفوظ العديد من الموضوعات في الدراسة وأبحاثه شملت عشرات الدراسات المنشورة في أعماله والتي بلغت (١٥٠)مؤلفا بين كتاب ورساله وبحث وتحقيق وترجمة وفلسفةودين وجميع أبواب المعرفه.
أما مؤلفاته وكتبه فاللعلامة حسين علي محفوظ الكثير جدا من هذه المؤلفات والكتب، وكان له الكثير من إلإسهامات في الصحف المختلفه، إحتوت تلك الكتابات زادا كبيرا للفترة التي عاش فيها مرحلة طفولته وصباه في بغداد كتب عن تاريخها وتراثها وعن مدينة نشأته الكاظميه، ومن اعماله المطبوع:-
-مقال أثر جغرافي طبغرافي قديم في وصف بلاد العرب.
-التوثيق في التراث العربي (بحث).
-الفارابي في المرابع الرتبه. الرتبه(كتاب).
-أيادي القاموس.
-تقريب العامية من الفصحى.
-خزائن كتب الكاظميه قديما وحديثا.
-الفلسفة نقد وتوجيه.
-أمهات النبي (ص).
-رسالة الفراشة لإبن حزم البغدادي.
-شرح عينية إبن سينا.
-قواعد التحقيق وأصوله وضوابطه.
-مشروع تحقيق ذخائر التراث.
-خمسة عشر قرنا من تاريخ التراث العربي في البحرين.
-كتاب الأدوار في معرفة النغم والأدوار.
-معجم الموسيقى العربيه.
-قواعد اللغة الفارسيه بالإشتراك مع د رزقابي.
-معجم الأضداد.
-أثر اللغة العربية في اللغة الفارسيه.
-نظرة في تاريخ البحث والتأليف.
-سعة اللغة العربية وغناها وأصالتها.
-المصطلحات المعمارية في التراث العربي، وله رسالتان مكتوبتان للمسؤولين وفيها مناشدة لبناء المدارس، وتسمية شوارع بأسماء رموزنا العظام العلمية والثقافية وهو يذكر بطه حسين، نجيب محفوظ، المنفلوطي، والعقاد..... وفي العراق هم أضعاف مافي مصر في كل باب من أبواب المعرفه ، وآقترح المرحوم الحاج عباس علي وهو من قدماء الأحاسن تسمية أصدقاء محفوظ وقدم نخبة من العلماء َوالأدباء والشعراء والمفكرين والمثقفين والوجوه في العراق والوطن العربي يحملون أفكاره وآراءه وإلى ماكان يدعو إليه من محبة وتقارب وهم جميعا يتبنون شعاره(الحب أجمل مانعطي وأجمل مانأخذ)، وقد أجاز الشيخ محفوظ جملة في الأعلام نخص بالذكر منهم، الشيخ محمد علي الخياباني، قاضي القضاة الشيخ محمد الفاضل بن عاشور، العلامة الشيخ محمد حسين الحسيني، الشيخ أحمد فهمي، الشيخ محمد بن أسماعيل الكافي، الشيخ موسى شراره، العلامة الشيخ ماجد الفتلاوي...
توفى دحسين محفوظ رحمه الله في بغداد في التاسع عشر من كانون الثاني عام ٢٠٠٩م إثر أزمة قلبية عن عمر يناهز (٨٣)عاما في مستشفى إبن البيطار، وشاركت حشود كبيرة من محبيه، وحشد كبير من أساتذة الجامعات والآدباء والكتاب والكثير من الشخصيات الدينية في تشييع جثمانه في موكب مهيب إنطلق من داره في الكاظمية، ثم نقل إلى مثواه الأخير في الصحن الكاظمي الشريف. رحم الله عالمنا ومعلمنا الكبير الذي كان رمزا من رموزنا العظام وأسكنه فسيح جناته.......