الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أرثي بك العراق.. إلى محمد عيسى الخاقاني

بواسطة azzaman

أرثي بك العراق.. إلى محمد عيسى الخاقاني

وجيه عباس

 

هكذا، بكل هذه البساطة، تطفيء مصباح غرفتك وتغلق الباب خلفك وتذهب؟!، هكذا بكل بساطة تشرب قهوتك الاخيرة وتقول:وداعا...وتمضي؟، الى اين يا أبا علي؟ هناك اناس عليهم توديعك وإبراء ذمتهم أمام الله، وهناك ديون محبة في عاتقك الذي كثيرا ما اشعر بثقله وانت تخفيه بابتسامتك الودودة، هل سئمت الحياة هكذا بكل بساطة؟ آه تذكرت الحياة!، الحياة التي أخذت منك ولدك علياً وتركتك مثل يتيم...متى كبرت يا أبا علي، متى غزا الشيب راسك المهموم بغوته وماتركه فيك من اسطر وكُتب تقول لك انه مسلم وربما اقترب كثيرا من جمرة علي بن ابي طالب ع؟ أبا علي «سويتهه صدگ»، لماذا العالم يدخل انذار ج من كل ما حولك وكأنه ينذر برحيلك هذا، مات قبلك صديقنا جمال الطالقاني فاتصلت لاتشبث بصبرك فسألتني الدعاء...ودعوت لك...ياااااه كم عليَّ من الذنوب حتى لايستجيب الله دعائي فيك أنت!، أخشى أن تقصيري أمام الله هو ما عجَّل برحيلك كما ترحل غيمة بمائها ووردة بشذاها ودمعة بجمرتها....

جبل ازمر

هل أحاول ترميم روحي بعد انكسارك؟ هل أحاوك رثاءك وأنا بيت من الحزن والدمع لأي هزة منك؟ ادري أنك تحب المزحة كثيرا، لكن هذه المزحة الاخيرة بثقل جبل ازمر الذي ينتصب أمام عيني اللتين لااعرف طريقا يمنعهما من الانسكاب، انا اللن مخذول بك ايها الغافي، مابيننا هذا العراق الذي يبرع في تمثيل دور الصياد ونحن صيده، لم نكن سوى صيده الاخير بك، يا لله كيف يختار الموت ضحاياه، انا لا أجيد الرثاء لكنني أرثي بك هذا العراق...

أيها المبالي بما يحدث في وطنك، وطنك الذي وزعك على المطارات ولن يجمعك به سوى القبر الذي ينتظر أن يضمك بين أضلاعه، أيها الموزع في أطراف الارض...كيف ليمامة حزن أن تجمع هذه الأطراف؟ وكيف لهذي الروح أن تلم جناحيها على قلبك الذي زرع السرطان فيه  رايات الرحيل، كنت حزينا وأنت تقول ان ولديك يذرعان حدائق المستشفى بانتظار صحوتك التي تمتد لستة ساعات، كنت خجلا من قلقهم وقلق أمهم عليك، الان من يقلق عليهم جميعا وانت تتكور في تابوت خشبي يذكرك برحم أمك الطاهرة التي أنجبتك؟!.

الان استطيع ان اطمئنك ان الاذرع التي كان العراق يوثقك بها قد انسحبت من روحك، اعلم وتعلم انها ظالمة لمن يملك روحا ترفة مثل روحك، العراقيون الان منشغلون بزيارة اربعينية الحسين ع، ومنهم منشغل بالتفاهات، نحن أمة فيس يا أبا علي، هوامش من الحمقى لايريدون أن يبصروا ، انهم يغافلون حتى ذاكرتهم لأجل نسيان مرطّب يجعلهم دائما يعيشون على الهامش...يا أيها المتن الذي أضعناه...فضعنا...لقد مات الكثيرون من جديد وانت تطوي يداك على اسرارهم....الوردي ومحفوظ وغيرهما الكثير ماتوا مرة أخرى بموتك ياحافظ اسرار الموتى...

أخي محمد... العراق كما تركته او كما سوف نتركه، أرض تعودت على شرب الدم، ما زال اللون الاحمر يثير شهية الثيران، الثور الاسود والابيض مازالا يتناطحان ولايهمهما من يسقط تحت حوافراهم، الشعب ولود، مخزن للشهداء والضحايا، كلما احتاجت السياسة العاهرة،تمد اصابعها لتختار العجول الحنيذة لتطعمها التوافق، والناس»سكارى وماهم بسكارى»، وسوف تظل هذه الارض تبحث عمن تبتلعه كل يوم، سيبقى الخنجر والسيف والدرگة والتواثي طريقنا في إبداء الرأي الآخر مادامت السبّابة تضغط على زناد البندقية، أرأيت...؟ وأنت تموت في لندن ثمة ثقب احمر في قلبك...الرصاصة تقيم المآتم ونحن قوم خلقنا من الورد لكن رائحة الموت هي الالصق بنا.

قرب دجلة

بدأت نومتك الثقيلة الان، ارتح ايها المتعب، لتظللك الفخاتي وهن يندبن ولدا نام قرب دجلة كثيرا حين فاض النهر بأجساد الغرقى، ستزورك دجلة وهي تكاد تصبغ وجنتيها بالطين، النهر،الذي كان يخيف العابرين اصبح بركة ماء ببركة السياسيين والسياسيات الاحياء منهم والاموات...

سأقرا الفاتحة عليك، لكني لم اصدق حتى الان من مات منذ خمس عشرة سنة، فكيف لي ان اصدق موتك ايها النقي؟...

الهي...لو ان محمد الخاقاني وفد علي لأكرمته وانا العبد الفقير، فكيف وقد ورد عليك وانت اكرم الاكرمين...

مبري الذمة...»اوداعة الله» ابا علي.

 


مشاهدات 123
الكاتب وجيه عباس
أضيف 2025/07/30 - 3:55 PM
آخر تحديث 2025/07/31 - 11:40 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 42 الشهر 42 الكلي 11275128
الوقت الآن
الجمعة 2025/8/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير