الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
سياسة القطيع .. حين تختطف إرادة الفرد باسم المصلحة العليا

بواسطة azzaman

سياسة القطيع .. حين تختطف إرادة الفرد باسم المصلحة العليا

طارق جوهر

 

في زمن تتسارع فيه أدوات التأثير وتتشابك فيه المصالح السياسية والإعلامية، يبدو أن شرائح واسعة من المجتمعات في العراق والمنطقة قد أصبحت ضحية لأساليب ممنهجة في استثمار العاطفة الجماعية وتوجيهها.

إذ لم يعد التلاعب بالرأي العام يتم بوسائل تقليدية، بل بات يُدار باحتراف من قبل خبراء «إثارة الشعور الجمعي»، لا سيما في الفترات الحساسة كالمواسم الانتخابية.

خلال الحملات الانتخابية، غالبًا ما تُستخدم مفردات مثل «الهوية» و»الاستقلالية» و»الأمن القومي» كأدوات تعبئة، لكنها تتحول عمليًا إلى وسائل ترهيب ونزع الإرادة الفردية، حيث تسعى معظم الأحزاب والقيادات إلى إحكام السيطرة على الناخب من خلال خطاب مشحون بالخوف والانقسام الطائفي،او من خلال شراء أصوات الناخبين بالمال السياسي تحت غطاء «المصلحة الوطنية».

اصوات مختلفة

وفي هذا السياق، تغلق أبواب النقاش والتعددية أمام الأصوات المختلفة، ويُجرَّم التساؤل، ويُخوَّن النقد، ويُوسَم كل من يخرج عن السرب بـ»الخيانة» أو «الانحياز للعدو». 

وهكذا تُغتال الحياة الديمقراطية في جوهرها، وتتحول «حرية التعبير والاختيار» إلى لافتة فارغة، بينما يُعاد إنتاج الطاعة العمياء في صورة انتماء وطني.

هذا المشهد يعيد إلى الأذهان قصة «خرفان بانورج» الشهيرة، حين قفزت الخراف واحدة تلو الأخرى إلى البحر دون وعي، فقط لأنها تبعت الأولى. فهل نحن نكرر المشهد ذاته على مسرح الواقع السياسي؟

وهل تحوّل المجتمع إلى كتلة من الطاعة لا تملك قدرة التساؤل أو الرفض؟

هنا، يبرز الدور الأخلاقي والتاريخي للنشطاء والمثقفين والإعلاميين وأصحاب الرأي: هل يصمتون؟ أم يواجهون الموجة ويشعلون شرارة الوعي؟ فالديمقراطية لا تعني فقط صناديق اقتراع، بل تتجسد أولًا في حرية النقد وتعدد الرأي وضمان استقلالية الفرد.

وفي ظل هذا المناخ، تصبح مسؤولية التنوير أكبر من أي وقت مضى، لأن البديل الوحيد عن الوعي هو الغرق الجماعي في بحر التبعية... تمامًا كما حدث مع خرفان بانورج!

 


مشاهدات 119
الكاتب طارق جوهر
أضيف 2025/07/30 - 3:52 PM
آخر تحديث 2025/08/01 - 1:05 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 42 الشهر 42 الكلي 11275128
الوقت الآن
الجمعة 2025/8/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير