الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
المفاوضات النووية في روما..  تقدم حذر وخيارات مفتوحة

بواسطة azzaman

المفاوضات النووية في روما..  تقدم حذر وخيارات مفتوحة

محمد علي الحيدري

 

تشير الجولة الثانية من المفاوضات النووية غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، التي انعقدت السبت الماضي في روما، إلى تقدم ملموس لكنه محدود، وسط أجواء حذرة ورسائل متبادلة تعكس عمق التعقيد الذي لا يزال يكتنف هذا الملف.

ففي بيانين منفصلين، وصفت طهران اللقاء بأنه “بناء” وأعلنت عن نقل النقاش إلى المستوى الفني في سلطنة عُمان، تمهيدًا لجولة ثالثة مرتقبة نهاية الأسبوع، بينما التزمت واشنطن الصمت الرسمي، مكتفية بمهلة الـ60 يومًا التي حددها الرئيس دونالد ترامب للتوصل إلى اتفاق “يمنع إيران من امتلاك السلاح النووي”، مع التلويح بخيارات أخرى إذا لم يتحقق ذلك.

اختراق جوهري

وبحسب ما كشفه نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، فقد تم الاتفاق على تشكيل فرق فنية من الطرفين لصياغة هيكل مبدئي لاتفاق محتمل، يتناول ملفات التخصيب، الرقابة، والعقوبات. هذا التطور، وإن لم يحمل اختراقًا جوهريًا، يشير إلى رغبة الطرفين في إبقاء باب التفاوض مفتوحًا، على قاعدة “الاتفاق المرحلي” وليس “الاتفاق الشامل”.

اللافت أن التقدم الحاصل جاء في ظل تباين داخلي واضح داخل إيران. ففي حين تحدث عراقجي بلغة إيجابية، أطلق المرشد الأعلى علي خامنئي تصريحات متشددة وصف فيها المفاوضات مع واشنطن بأنها “غير عقلانية”، ما يعكس استمرار التوازن الحساس داخل النظام الإيراني بين الجناح البراغماتي والمؤسسة العقائدية.

يبقى القول إن الإنذار الذي أطلقه الرئيس ترامب، والقاضي بمنح إيران 60 يومًا للتوصل إلى تفاهم قبل الانتقال إلى “خيارات أخرى”، يضفي طابعًا ضاغطًا على مسار التفاوض، خصوصًا أن الجولة المقبلة ستُعقد في مسقط، المدينة التي تستعيد دورها الوسيط كما فعلت قبل اتفاق 2015.

ويبدو ايضا أن واشنطن تُفضل حاليًا مسارًا ثنائيًا مباشرًا وغير معلن، مستبعدة الشركاء الأوروبيين، وهو ما أثار قلقًا داخل العواصم الأوروبية التي تعتبر أن استبعادها قد يُضعف فرص الوصول إلى اتفاق متوازن ومستدام.

وفي قراءة للمشهد القادميُفهم من مخرجات الجولة الثانية أن الطرفين يدركان تكلفة الفشل. إيران تعاني من وضع اقتصادي مأزوم، وتحتاج إلى تخفيف العقوبات للتهدئة داخليًا؛ والولايات المتحدة، التي تدخل موسمًا انتخابيًا حساسًا، تبحث عن إنجاز دبلوماسي يُجنبها كلفة أي مواجهة عسكرية في الشرق الأوسط.

مع ذلك، لا يزال الطريق أمام اتفاق نهائي محفوفًا بعوامل الانفجار. فالمفاوضات الجارية ليست فقط حول البرنامج النووي، بل تحمل في طيّاتها محاولة لإعادة صياغة توازن القوى في الإقليم، وسط توجس إسرائيلي واضح، وصمت خليجي حذر.

الجولة الثالثة التي تُعقد السبت المقبل في سلطنة عُمان قد تكون مفصلية. فإن أحرزت تقدمًا حقيقيًا في الملفات الجوهرية، قد يُفتح الباب أمام اتفاق مرحلي جديد يعيد ضبط الإيقاع بين واشنطن وطهران. أما إن تعثرت، فإن المهلة الأميركية ستتحول سريعًا إلى عامل تصعيد إضافي.

و بين التقدم الحذر وضيق الوقت، تبقى المفاوضات رهينة اختبار الإرادات، في انتظار ما ستحمله الأيام القليلة المقبلة.


مشاهدات 142
الكاتب محمد علي الحيدري
أضيف 2025/04/20 - 3:54 PM
آخر تحديث 2025/04/21 - 7:24 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 321 الشهر 21479 الكلي 10902126
الوقت الآن
الإثنين 2025/4/21 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير