الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الزمان بين زمانين

بواسطة azzaman

الزمان بين زمانين

طارق النجار

 

بعض العناوين مازالت من الماضي التليد تعيش بيننا وأمتلكت واقعاً ثراً يغمس في كلمات من زمن بغداد ابن عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين .. ولدت جريدة الزمان الممثلة بشخوصها: أبراهيم صالح شكر .. الذي أصدر صحــــيفة اطلق عليها اسم الزمان في تموز من عام 1927..

«ولم تعمر طويلاً، ولم تصدر سوى 44 عدداً في عهد حكومة جعفر العسكري، وفي خريف العام نفسه تم تعطيلها»..

وعادت الى الحياة مرة ثانية، تمثل ايامها الاخيرة في ايلول من العام الثاني في 1928 ايام حكومة عبد المحسن السعدون وأختفت لسنوات غير قصيرة لتعود الى الواجهة مرة اخرى..

وهنا نستذكر زمان توفيق السمعاني وصحيفته الزمان التي صدرت في عام 1937.. ولقد سبق له التنازل عنها لصديقه رفائيل بطي ولكن بطي لم يتنازل لأعادة الجريدة الى صاحبها الأول السمعاني، عنها كما يقتضي قانون المطبوعات لسنة 1933.. فالصحافي حسب قول البير كامو مؤرخ اللحظة.. فالصحافة هي صاحبة الجلالة كما يقال او السلطة الرابعة.

واستمرت حكاية الزمان في الوطن والمهجر تستقطب قوافل الصحفيين الذين يتحدون كوابح السنوات، ويتجاوزون موانعها وينأون بأنفسهم عن العبث بالصراعات السياسية من بعض الفئات الذين تكسرت اقلامهم في بعض من زمن بل هم تلك الفئة التي عملت جاهدت في سنوات مختلفة في اصدار الزمان وهم أشبه بالعنقاء التي تنفض عنها رماد الايام لتحيا في احتراقها من جديد..

والزمان.. وهي الضيف اليومي المألوفة والمتداولة صباحاً، وهي جالسة على مائدة الافطار لقراءة صفحاتها المتدثر بكلمات تعطي المردود الايجابي مشخصة بعض سلبيات الحكومات المتعاقبة في ظل الهوس السياسي، الذي اجتاح الوطن العراقي الذي يعيش تداول السلطة لبعض رجالات السياسة الذين كانوا يتطلعون لتبوء سلطة البلد ووفق سياسة البرطانيين، الذين يتحكمون بمقدورات الدولة العراقية.

وأنني لا أتردد لحظة في البوح بأن جريدة الزمان.. في مختلف العهود، واكبت اصداراتها زغم غيابها في فترات، انقضت وغابت عن الحضور في تواريخ مختلفة. وفي عهد ولدت حتى تحيا زمناً طويلاً.. فهي لا تقترن بحاجة ظرفية عابرة وليست من مخاض الاحلام، التي توقظ فينا أفكاراً تتسم بشرعية فكرة تنظير..واستطراد ودوران في أحراش الكلمة..

فالزمان.. مازالت ملاذاً للقراء والباحثين، وهي تسير بخطوات رائدة واثقة متزنة تنسجم وكفاءة العاملين فيها .. وهي الاقرب اليهم من بين كثير من الصحف العراقية والعربية كونها تسلط الضوء على الاحداث التي يعيشها العالم العربي والعراقي .. بمهنية عالية، علماً بأنها تتميز بمصداقيتها وحياديتها، وتعاملها مع الوقائع اليومية ومهابتها في المواقف، وتصديها للعابثين بمقدرات الكلمة الصادقة والمؤثرة في نفوس القراء وصوتها المؤثر الذي يرعب رجالات السياسة، فهي بحق صوت من لا صوت له..

وفي يوم 10 من نيسان من عام 1997: ولدت فكرة أصدار جريدة الزمان في لندن فأستطاع الاستاذ سعد البزاز صاحب فكرة اعادة الحياة الى صحيفة الزمان في المهجر لينبض قلبها في مدينة الضباب .. فاستخدم خبرته الصحفية وقراءة الواقع العراقي قراءة صائبة فاحصة لما يعيشه العراقي والبعض في ظل سياسات الحكام فتعامل مع محيطه بحذر شديد.

وما أن وضعت الحرب اوزارها بعد عام 2003 حتى انطلقت  الكلمات من عقالها لتعبر عن مكنونات كانت حبيسة صدور حكومة مخنوقة في ظل الواقع المظلم الذي عاشه الاعلام في العراق..

فدأب البزاز على مد يد العون لمن تعطلت بهم السبل بعد الاحتلال الامريكي الغاشم لبلدنا، فقام هذا الرجل المعطاء وحده بدور لم يكن ينتظر العون من احد والذي غادر البلد مغاضباً في بدايات تسعينيات القرن الماضي بعد ان تعسر عليه العيش في ظلال القهر النفسي الذي يكتم الانفاس وهو يعاني جهداً فكرياً يتململ في عقله النابض بحياة معاصرة، فأختمرت فكرة الرحيل بعد ان شعر بهاجس القلق والخوف من المجهول أثناء صدور كتابه السياسي -حرب تلد أخرى- قرأت بعض من فصوله من مسودات اوراقها قبل الطبع، ففضل المهجر للعيش في اغتراب جسدي لكن دون ان يتعرض فكره وعقله الى الاغتراب..

 

 

 

 

 


مشاهدات 154
الكاتب طارق النجار
أضيف 2025/04/09 - 3:55 PM
آخر تحديث 2025/04/14 - 3:39 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 423 الشهر 12984 الكلي 10593631
الوقت الآن
الإثنين 2025/4/14 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير