شكراً ..
عبد المنعم حمندي
شكراً جزيلاً للهواء
ما زال يمنحُني السعادةَ في الشهيق
شكراً لهذا الصبر طال جميلهُ ،
وكأنهُ نفَسَي ونافذتي ، أرى منها الوطن
شكراً جزيلاً للذين استعذبوا بُعدي وإبقائي
على وجعِ المِحن
شكراً لخضراء الدِمَن
شكراً لمن خلط الظلام بضوئنا
واستبدل النورَ بديجور الفِتن
......
شكراً جزيلاُ للنخيل..
ما زال يُطعمنا الرطب
ولا يزال مرابطاً .. يسمو بعينيه الغضب
شكراً لأبناءِ السبيل
حملوا إلينا المُستحق من الزكاة
ولا عجب
هذا زمانٌ رائعٌ،
يلهو الحواة بليلهِ ونهارهِ
وليس في غوثِ الجياع سوى السغب
.......
شكراً جزيلاً للسواد
شكراً لمن باع البلاد
وأطلق الجرذان في الأرض الوهاد
شكراً لأحزاب الطوائف
كلّ من رفع البنود الحُمر
في هوج العواصف
.....
يا أيها الوطنُ الذبيح
قُم والتفت ،
فدماؤنا مسفوحةٌ فوق الفلاة
وسهامنا مكسورةٌ
رجعت إلى قوس الرمُاة
ضَع وجهك المحروق فينا وانتفض ..
أمَا صحوت من السُبات؟
كم غفلةٍ ذهبت بعقل الغائبين بسكرةٍ
علّ انفجارك
بسْتَفِيقَ مِنْ الممات ..
.......
أرواحنا موجوعةٌ
فاغسلْ بكاءك بالمطر
ودَعْ الرعود تثرثر،
خلف حشود الخائفين من القَدر
وارسلْ من الطير الأبابيل
التي ترمي النوافذ بالحجر
ما من عواء في البراري
دون ذئبٍ يُحْتَضَر
......
وأصيح: يا قدري ويا لهفي عليك
كم حسرةً حرّى تشعُّ بمقلتيك
كم صخرةً سقطت على مرّ العصور ،
أزحتها عن شاطئيك
أنا في جبينك عظمةٌ خُذني إليك
وضمّني في ساعديك
أسند بها ضلع النهار
واجعل ضحاياك الجدار
.....
والله لم يبق من الليل سوى هذا الهزيع
وسوى الدخان
ذاك المحلق في الفضاء
مُذ قال : شكراً للهواء
.....
" "