الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أربيل التي رأيت

بواسطة azzaman

أربيل التي رأيت

أحمد عبد المجيد

 

بداع صحي سافرت الى أربيل . كانت زيارتي السابقة قبل نحو ثلاثة اشهر ، وكالعادة وجدت عاصمة كردستان خضراء هادئة نظيفة متجددة ترتفع في سمائها الرافعات البرجية لتشييد المباني والمشاريع العمرانية الجديدة . في هذه المرة وجدت أربيل منصرفة الى انشغالات رئيسة أهمها تعليق الرواتب وحادث القتل الاجرامي في محطة الوقود .وقد زاد الاهتمام بهذا الحادث هاجس العلاقة بين بغداد واربيل ، برغم طابعه الجنائي . ولاني اعتدت زيارة قلب أربيل التجاري، القلعة ومحيطها ، لتقصي الأوضاع العامة على الأرض ، فقد لمست الرفض الشعبي للحادث ، فلم يحدث ان عبر كردي واحد عن تأييده للجريمة او مشاركته مشاعر التعاطف مع القاتل .

طبيعة سلمية

لقد اكد المجتمع الكردي قاطبة ، رفضه أي محاولة لخلق فتنة مفترضة بين الكرد وضيوفهم من العرب ، القادمين من محافظات أخرى ، وهو موقف منطقي يترجم الطبيعة السلمية لهذا المجتمع المبني على التآخي واحترام وحدة العراق ، بل وقد وجدت من ضمن من صادف ان التقيتهم من مسؤولي الصف الأول والثاني ، الحكوميين والحزبيين ، من اكد ضرورة اخذ الإجراءات القانونية طريقها في التعامل مع القضية وإعطاء القضاء فرصته في فرض منطق القانون على الجاني، بما يضمن لاولي الضحايا الانصاف والطمأنينة وللعلاقة بين أربيل وبغداد سياقات التفاهم تحت خيمة المصلحة العليا للبلاد .

واما الانشغالات المهمة الأخرى فان ضغط انقطاع الرواتب ، قد انعكس كليا على الفــــــــــــئات الوسطى والفقيرة بحيث تجلى ذلك في تباطؤ حركة التبادل التجاري وانكماش التعامل في الأسواق . وربما لهذا السبب وجدت وسط أربيل العاج بالحركة اليومية ، يبدو متلكئاً نسبياً ، اذا ما قيس بالاحوال قبل الشهر الجاري ، ولم يكن صعبا على احد تسويغ هذه النتيجة، منطلقا من الامنيات بان تتم تسوية الملف نهائيا عبر آليات مصرفية وإدارية ومعالجات تخضع للاتفاقات (المتكررة) بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم .

واعترف ان طبيعة زيارتي الصحية ، لم تحل دون تفقد الارجاء الشاسعة من أربيل التي ارتفعت فيها معالم المجمعات السكنية والصروح العمرانية ، واطلعت ميدانياً على حملات التشجير التي تقوم بها محافظة أربيل ، لاكساء المدينة بالمساحات الخضراء ومواجهة التصحر وتحديات المناخ . وتمنيت في قرارة نفسي ، ان تحتذي امانة بغداد بخطط اربيل في هذا المجال، بحيث نرى الاشجار التي تغرس تحظى بالعناية والمساحات المتصحرة قد اكتست بالحشائش والزهور ووصلتها طرق الري الحديثة . المشكلة تكمن في العناية اللازمة التي لم نلمس جديتها في بغداد مقابل الاهتمام الذي يطبعها دائما في أربيل ، أي ان الحل يأتي من فلسفة المعالجة والايمان بجديتها المفقودة في تجربة العاصمة العراقية .

هوية وطنية

ومن جميل ما صادفته لقاء جمعني بالوزير السابق في حكومة الإقليم طه برواري ، وقد لمست في حديثه ايمانا بالهوية الوطنية العراقية وبأهمية التعايش بين المكونات وضرورة احترام القانون.

الرجل حملني مهمة الدعوة الى البدء بمشروع وطني تربوي يكرس الشعور بالمساواة التامة بين المواطنين وفهم القوانين واحترام المكونات العراقية واعتبارها قوة مجــــــــــــــتمعية لا تهدد احداً ولا تحرم احداً من حقوقه . لقد استعرض امامي تجارب دول اوربية عاش بعض مراحل حياته فيها ، وأوضح لي الأسباب التي اطلقت العنان لتقدمها .

ولعل أهمها احترام الخصوصيات والتعليم المجاني وفصل الدين عن السياسة ، واتفقنا على ان نهوض أي بلد في العالم مرهون بهذه الثلاثية، ولاسيما في بلد كالعراق الذي يعاني من تحديات جمة برغم وجود الثروات البشرية والطبيعية الغنية .


مشاهدات 142
الكاتب أحمد عبد المجيد
أضيف 2025/08/17 - 12:20 AM
آخر تحديث 2025/08/17 - 7:32 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 616 الشهر 12229 الكلي 11407315
الوقت الآن
الأحد 2025/8/17 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير