الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
عاد أبي..رجع أبوي

بواسطة azzaman

عاد أبي..رجع أبوي

عباس الجبوري

 

أطلقتها (هدى ) عالية صاحبة السبعة أعوام..في وسط أطفال كانوا يلعبون في احد الشوارع الفرعية في مدينة الكاظمية..التي افرغت من كل شي الا صوت الموت القادم من جبهات الرماد.. تسمرت ْقدماي من شدة فرح الطفلة.. جلست ُعلى الرصيف …شارداً بمتاهات واحتمالات و أسى… نامت (هدى)على كتف أبيها المتهدل من الرمل واليأس وتعليمات عريف (كريم) المشددة بضرورة العودة بلاتأخير  ولو نصف ساعة.. قلتُ وانا على الرصيف .. ماذا ينتظر هذا العائد من بين فكي الخوف والموت.. وكيف ستكون (شهقة) طفلته لو عاد محمولا بتابوت خشبي مستعمل لمئات المرات…شهقة بحجم التعاسة للحياة والزمن.. لقد أكلت الحرب أكبادنا.. وحرقت حقولنا..وكهربت أعصابنا.. وعصرت أمعائنا ألف عصرة وعصرة وعصرة..وقطّعت ارحامنا.. وحبال مودتنا الطيبة..

أكوام من الدموع ..جبال من الايتام ..مقابر تنافس الصحراء بين النجف وكربلاء.. وقمصان سود ووجوه أشد سواداً من الكبت والخوف والجوع.. كانت (خدعة قاسية)..سحقت كل ضحكات المدينة..وكركرات القرى ..وخنقت أمي حتى ماتت من احتمالات القتل  أو الشنق او الضياع ..لأولادها.. عندما يكون (المتخلف) ولياً للأمر.. وتكون القسوة تمطر من عينيه وأصابعه.. ويحمل حياله يبحث عن رقاب بيضاء طرية ليلفها عليها..بموت حاد.. الان  كبر الاطفال ومات الاباء..وردد قارئ القرآن (وقيل بعداً للقوم الظالمين) لتنتهي الحكاية.. التي أفرخت مليون حكاية ..لم يسمعها أحد منا..لان الجميع مشغول بأشيائه ..ويدور في دورة (الذات المحطمة) الخارجة من تابوت الطاغية..لأن طاغيتنا كان مختلفاً عن كل الطغاة.. ثلاثة أجيال مرت ..ولم يبق منها الا خمسة رواة ..يكتبون بقلم الرصاص فيضحك من كتابتهم أطفالهم … لقد مرت..ولكن كيف مرت

لستُ أدري

 8/8   من كل عام

 

 

 

 


مشاهدات 66
الكاتب عباس الجبوري
أضيف 2025/08/17 - 12:21 AM
آخر تحديث 2025/08/17 - 2:13 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 99 الشهر 11712 الكلي 11406798
الوقت الآن
الأحد 2025/8/17 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير