تغييب سكاني وليس تعداداً
فاتح عبدالسلام
سمعنا في تصريحات واشارات، انّ المسؤولين عن الإحصاء العام للسكان قالوا انّ العراقيين في الخارج سيتم شمولهم بالتعداد السكاني في وقت لاحق، ولا ندري ما المقصود بذلك الوقت اللاحق، وقد شارفت المرحلة السياسية على نهايتها، وكما اعتدنا الأمور ستزداد التباسا وغموضا وضياعا لاسيما إنّ وزيراً لا يدري بما فعل سلفه، و(الطاسة دائماً ضائعة)، فيما يتساءل ملايين العراقيين ما مصيرنا في التعداد، وهل رهنوا ذلك المصير بانتهاء الانتخابات النيابية المقبلة لكي تستمر الحسابات على حالها ونبقى خارج اللعبة؟
نذكر جيدا أن رئيس الحكومة، أعلن في مؤتمر صحفي 25 تشرين الثاني 2024، أن (عدد سكان العراق بلغ 45.407.495 نسمة بضمنهم الأجانب واللاجئين، وعدد الأسر بلغ 7 ملايين و898 ألفاً و588 اسرة).
لا يوجد أي إشارة الى العراقيين في الخارج بالرغم من التعداد احصى اللاجئين والأجانب ولم ينسهم. وسمعنا مَن يقول اعداد العراقيين بالخالرج ليس بالملايين وانما مئات الألوف، وقالوا انهم مجرد آلاف فقط، وجاء مَن يزيد ويزايد بالقول انهم مئات، ولأفترض انّ في خارج البلاد أسرة واحدة أو شخصاً واحدا فقط، فمن حقه أن يكون اسمه في التعداد العام لسكان بلاده. أليست هذه بلاده أيضا؟ أم انها مصادرة لحساب سواه؟
الاخلال بمعايير التعداد العام للسكان ليس خطئاً عابراً وليس تقصيراً وظيفياً، وانما هو انحراف بالمسار الاعتباري والأخلاقي والسياسي للبلاد، وهو عملية تغييب ملايين الاحياء عن سابق قصد، وهذه قد لا يلاحقها قانون الجرائم ضد الإنسانية او التطهير السكاني، لأنّها تستتر تحت خيمة اجتهادات وظيفية، ولكن الحساب في سجلات العراقيين لابدّ أن يُراجع يوما، ولابدّ أن تنكشف أسباب تغييب ملايين العراقيين، ولا أقول تجاهلهم فحسب.