براعات شعرية
حسين الصدر
-1-
قد يتقدم شاعر بقصيدة طويلة قاصداً مديح مَنْ قَصَدَهُ ، ولكنّه – وبالرغم من طول قصيدته – لا يأتي بما يهتز له الممدوح فيسارع الى إكرامه فتكون المحصلة النهائية الإخفاق والفشل .
وقد يتقدم آخر بأبيات قليلة ولكنه يصل الى غايته بسرعة فائقة لأنها تشتمل على البديع العذب من الشعر، الذي يتلقاه المتلقي كما يتلقى العاطش الظامي الماء الزلال .
-2-
واليك بعض النماذج :
مدح أحدهم رجلاً فقال :
بَنَت المكارمُ وسَطْ بَيْتِك بيتَها
فتلادُها بك للصديقِ مُباحُ
واذا المكارم أقفلتْ أبوابَها
يوماً فأنتَ لِقُفْلِها مفتاحُ
وهذا من المديح العالي الذي لا يجعل للممدوح خيارات عديدة وانما ينحصر الأمر بخيار واحد هو التعجيل باكرام الشاعر أفضل إكرام
وقال آخر مادحاً :
اني رايتُك للمكارمِ عاشِقَاً
والمكرماتُ قليلةُ العُشّاقِ
وهكذا طوّق الشاعر جِيدَ الممدوح وحَمَلَه على تقدير المادح وحبه والاعتزاز به .
وقال ثالث مادحاً :
اذا دَخَل الشتاء فأنتَ شمسٌ
وإنْ دَخَلَ المصيفُ فأنت ظِلُ
وما أحلى الشمس في الشتاء البارد، وأعذب ظلال المصيف في الحَرّ اللاهب .
انّ البراعة تكمن في الإثارة واصطياد المعاني وليست في كثرة الأبيات وطولها .