وحدي… لأن الرحيل تعلّم التسلل

هدير الجبوري

 

لم افقدهم دفعة واحدة

كان الرحيل يأتي متفرقا

لكن الوجع كان واحداً....

رحل شخص عزيز فجأة،

وأنا بعيدة،

لم يمنحني القدر حتى حق الوداع

ولا مهلة لتأجيل الصدمة

صبرت…

لانهم قالوا إن الصبر هو الشيء الوحيد المتاح

ثم غاب بعده من كان يكبرني عمراً وحضوراً،

غاب مرتين:

مرة حين غُيّب ظلماً،

ومرة حين غادر دون ان يُسمح للحقيقة ان تُقال

حملت موته بصمت،

واخفيت بكاءه في صدري،

خوفا من عيون تراقب وتريد الايذاء

ومن حكايات لا يجوز روايتها...

تعلمت ان أحزن بهدوء

وان اخاف بلا صوت...

ثم انهك المرض شخصا آخر من الدائرة نفسها،

وقفت بقربه ما أستطعت،

لكن الجسد حين يثقل

والايام حين تقسو

تجعل القرب مؤلماً

حُرمت منه،

وكأن المرض لا يكفي

فاضيف إليه الفراق القسري....

أما من كانت منبع الطمأنينة الاولى،

فقد كبر الخوف في عينيها قبلي،

وأمرضها الحزن قبل الجسد

ومنذ ذلك اليوم

صار قلبي يعد خساراته

ويخاف من التالية....

حتى من أخترت أن أقتسم معه الطريق

يحمله التعب،

وأحمله في قلقي،

وأخشى ان يفعلها كما فعلوها

ويتركني وجها لوجه

مع هذا الفراغ الكبير.....

لم اصرخ،

لم اشتكِ،

لم اعلن ضعفي

لكنني تعلمت شيئا واحداً:

ان الوحدة لا تأتي فجأة،

بل تتسلل

كلما رحل شخص

وبقي الخوف...