لا تعُد حتى وإن ناداك ضوء الذكرى
هدير الجبوري
لا تعُد إلى الأمكنة التي ضحكت فيها ذات يوم ،فالأماكن لا تحفظ الفرح كما نحفظه في قلوبنا .هي تتبدل، تهرم، وتنسى من مرّ بها كما لو أنك لم تكن.
لا تبحث عن المقاعد القديمة، ولا الأرصفة التي شهدت خفقاتك الأولى
فالوجوه تغيّرت، والضحكات تلاشت والأحاديث التي كانت تملأ المساء ،أصبحت الآن صمتاً بعيداً لا يُجيد غير الغياب.
إياك أن تظن أنّ الماضي ينتظرك كما تركته ،فهو لم يتوقف، ولم يجمد على صورتك المحببة،حتى أنت، حين تنظر في مرآة الذكرى، لن تتعرف تماماً على ملامحك القديمة.
لا تعُد...ليس نكراناً بل وفاءً لما كان جميلاً .احتفظ به كما يُحتفظ بالورد في دفاتر العمر ،ذابلاً ربما، لكنه صادق... وعطره لا يخون
امضِ نحو ما لم تُجرّبه بعد،نحو ضوء جديد، وأسماء لم تُكتب في دفاترك القديمة،
فربما ما ينتظرك أجمل مما ودّعته ،وربما الحنين رغم قسوته ،هو مجرد طريقة نُودّع بها ما لم نعد نملكه..