الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
بين الإحتلال ومشروع الدولة

بواسطة azzaman

بين الإحتلال ومشروع الدولة

خالد محسن روضان

 

منذ لحظة التدخل العسكري الأمريكي في العراق في 20 آذار 2003، وما تبعه من سقوط النظام في 9 نيسان، دخل العراق في مرحلة استثنائية من تاريخه السياسي والاجتماعي، ما تزال تداعياتها مستمرة حتى اليوم. وقد لا تنتهي هذه التداعيات إلا بتحقيق الجلاء الكامل للقوات الأجنبية، واستعادة العراق لسيادته الوطنية الكاملة، كما كان بعد ثورة 14 تموز 1958، عندما أعلن العراق استقلاله وكرامته بوضوح.

الاحتلال لم يكن مجرّد تغيير سياسي، بل كان مشروعًا موجهًا لتفكيك الدولة العراقية. فقد تعرّضت رموز الدولة، ومؤسساتها، وبُناها التحتية للتدمير، وجرى تمزيق النسيج الوطني عبر زرع الانقسامات الطائفية والمذهبية. وقد أسهم التحالف غير المعلن بين الاحتلال الأمريكي والنظام الإيراني في تنفيذ سياسة «فرّق تسد»، التي هدفت إلى بعثرة الجهد الوطني، وعرقلة أي مشروع وطني حقيقي يتبنى شعار «العراق أولًا».

في المقابل، جاء الحدث المفصلي في 7 تشرين الأول 2024، حين نفّذت حركة حماس عملية «طوفان الأقصى»، مدعومة من حزب الله وفصائل مقاومة في العراق واليمن. وقد مثّلت هذه العملية، وما تلاها من مواجهات، اختبارًا حقيقيًا لمقولات مثل «وحدة الساحات» و»محور المقاومة». غير أن النتائج جاءت بعكس ما روّج له الخطاب الدعائي، إذ قبل حزب الله بالقرار 1970 القاضي بنزع سلاحه وانسحابه إلى جنوب نهر الليطاني، وسقط نظام بشار الأسد في سوريا، وانهار الخطاب الذي طالما استُخدم لتخدير وعي النخب والجمهور تحت شعارات كاذبة.

لقد أدّت هذه المرحلة إلى تضليل الرأي العام، وتغييبه عن الاستحقاقات الوطنية الداخلية، خصوصًا في العراق، حيث ما تزال بعض الأطراف تدعو إلى إدخاله في صراعات إقليمية لا تعنيه، تحت ذريعة «نصرة قضايا الأمة»، بينما هي في الواقع امتدادات لأجندات خارجية.

وهنا يُطرح سؤال منطقي: لمن مصلحة جرّ العراق إلى حرب لا علاقة له بها؟

إن تحييد العراق عن هذه النزاعات ضرورة وطنية وأمنية، وعلى أصحاب القرار اتخاذ إجراءات صارمة تضمن حفظ الأمن والسيادة، حتى لو تطلب ذلك إعلان حالة الطوارئ، وتطبيق مبدأ حصر السلاح بيد الدولة، ولو باستخدام القوة القانونية. لكن ذلك لا يعني تأجيل الحاجة الملحّة إلى التغيير السياسي والاجتماعي الداخلي. فالإصلاح الشامل ضرورة لا تقل أهمية عن حفظ الأمن، ويجب أن يتم وفق رؤية تاريخية واستراتيجية، تُراعي حركة التغيرات في الشرق الأوسط، وتعيد وضع العراق في موقعه الطبيعي دولة مستقلة وفاعلة.

العراق أولًا ليس شعارًا عاطفيًا، بل مشروع وطني متكامل، يتطلب الوعي، والحسم، والقرار.

 

 


مشاهدات 42
الكاتب خالد محسن روضان
أضيف 2025/07/10 - 12:49 AM
آخر تحديث 2025/07/10 - 9:34 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 331 الشهر 5815 الكلي 11159427
الوقت الآن
الخميس 2025/7/10 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير