الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قراءة في تداعيات الحرب الإيرانية الإسرائيلية 

بواسطة azzaman

قراءة في تداعيات الحرب الإيرانية الإسرائيلية 

حمدي العطار

 

المقدمة 

في ظل التصعيد الأخير بين إيران وإسرائيل، تبرز أسئلة جوهرية حول الموقف من هذا الصراع، وطبيعة التحالفات، ومعايير اختيار الجهة التي تستحق الدعم. فالبعض يرى أن الوقوف مع إيران في هذه الحرب يعني تأييدها بشكل مطلق، بينما يعتبر آخرون أن معارضتها هنا تعني العداء لها في كل الأحوال. لكن الحقيقة أكثر تعقيدا من هذا التبسيط؛ فهناك فرق بين دعم موقف عادل في لحظة محددة، والانحياز الأعمى. فكيف يمكن فهم هذه المعادلة؟ وما تداعيات الحرب على المنطقة؟ هذا المقال يحاول الإجابة عن هذه التساؤلات، وتحليل المشهد بعيدا عن الانحيازات المسبقة. 

 

التحليل

1. الموقف من إيران: بين العدالة والانحياز المسبق 

يعتقد البعض أن دعم إيران في مواجهة العدوان الإسرائيلي يعني تأييدها في كل سياساتها، بينما يرى آخرون أن معارضتها في هذا الصراع بالذات يدل على عداء مطلق لها. لكن هذا التفكير يخلط بين الموقف العادل في سياق محدد والمواقف الأخرى. فالدعم هنا مرتبط بكون إيران طرفا معتدىً عليه في هذه الجولة، وليس بالضرورة تأييدا لكل ما تفعله. أما من يعارضها في هذه الحرب تحديدا، فقد يكون لديه موقف مسبق ضدها، ولن يقف معها حتى لو تعرضت لعدوان غير مبرر. 

2. الحرب العادلة ومعايير الانحياز

هناك فرق بين الحرب العادلة وغير العادلة. ففي هذه المواجهة، تمثل إيران طرفا يدافع عن نفسه ضد عدوان إسرائيلي، مما يجعل الوقوف إلى جانبها موقفا أخلاقيا يتفق مع مبادئ العدالة. لكن بعض الأطراف تخلط بين هذا الموقف وبين قضايا أخرى، مثل الخلافات السياسية أو الأيديولوجية مع إيران، مما يفقدهم الموضوعية. 

3. مخاوف من تجدد الصراع واستعدادات الطرفين

تصريحات مثل تلك التي أدلى بها ترامب عن احتمال عودة الحرب قريبا تثير مخاوف من أن الهدنة الحالية ليست سوى استراحة لالتقاط الأنفاس. إيران بحاجة إلى هذه الفترة لتقييم نقاط ضعفها وتعزيز نقاط قوتها، بينما قد تشهد الفترة القادمة مواجهات محدودة بدلًا من حرب شاملة. 

4. ميزان القوى والخوف الإسرائيلي

تمكنت إيران من تطوير قدراتها النووية والتكنولوجية، مما جعل إسرائيل أكثر قلقا من أي وقت مضى. فبعد الحرب، زادت المخاوف الإسرائيلية من القوة الإيرانية، خاصة مع تقدمها في مجال التخصيب النووي. 

5. إشكالية الجواسيس والحياد الهش 

أثارت الحرب تساؤلات حول وجود جواسيس في إيران يعملون لصالح أطراف خارجية، سواء بدوافع مادية أو فكرية أو حتى بسبب استغلال معاناة بعض الأقليات. كما أن مسألة الحياد، مثل حالة العراق، تبقى محل جدل؛ فالحياد الحقيقي يتطلب قوة تفرض احترامه، وليس مجرد إعلان موقف قد لا يعترف به أي من الطرفين.  

*الخاتمة 

الحرب بين إيران وإسرائيل ليست صراعا عسكريًا فحسب، بل هي اختبار للمواقف السياسية والأخلاقية في المنطقة. فالدعم أو المعارضة يجب أن يقاس بمعايير العدالة وليس بالتحيز الأعمى. كما أن التطورات الأخيرة أكدت أن ميزان القوى يتغير، وأن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة من التنافس الاستراتيجي. وفي خضم هذا المشهد، يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن للدول العربية والإسلامية أن تحافظ على مصالحها دون الانجرار إلى صراعات تخدم أطرافا أخرى؟ الجواب يحتاج إلى حكمة وتخطيط استراتيجي بعيدا عن العواطف والانقسامات الجاهزة.


مشاهدات 127
الكاتب حمدي العطار
أضيف 2025/07/10 - 1:29 AM
آخر تحديث 2025/07/10 - 9:13 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 298 الشهر 5782 الكلي 11159394
الوقت الآن
الخميس 2025/7/10 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير