الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
رسالة لم تصل الى فاطمة 

بواسطة azzaman

رسالة لم تصل الى فاطمة 

عبدالجبار الجبوري

 

هنا..

ديارُ خولة، وهذه مضاربُ بني عبس...

تلك..

مضارب أهلي رحلتْ في التيه..

تبحثُ..

 عن بقيا ديار لخولة...

تركتُ لها .

 قلبي ترعى فيه الآبلُ...

 نأتْ عنّي..

مضاربُ خولة، وبقيَتْ أطلالُها شاخصةً بدَمي..

بكيت خيلها..

 حين  بقي السيف فردا..

لم أنم ليلها...

كانت خيول الغزو تركض في براري اليقين..

وكنت وحدي...

شطّتْ بنا الإبلُ..

مذ هوى عرش كسرى..

لم تقم له قائمة في النوى..

وكان الزمان لوحة ترسمها الدماء الأصيلة..

مضى الزمان كله..

ومضت خيله، تخب الرمل الى صنعا...

وما دنا الغضا...

كانت عيون خولة..

تجترحُ الأسى، وتطوي البيدَ مِثْلي..

ماغفتْ يوماً عيونُ خولة..

 لا..

وما غفتْ عينُ اليمامِ ولم تزلْ..

كنتُ...

أصرخُ في التيه...

أعرّني سيفَكَ المسلولَ أيّها الفارسُ المقتولُ..

لم يسمعْ صرّختي...

كانت سيوفُ القبيلةِ تحزُّ رأسي..

وانا ممدّدٌ على الارض أحصي سيوفهم الصدئة..

سيوفهم..

التي ماقتلت ذبابة كما يقول نزار..

نأت فينا الديار...

وظلَّ وجهُ خولة يظلّلُ هامتي...

أنى إتجهتْ...

كلما...

داهمني الحزن المنقوش على جسد القصيدة...

قلتُ...

وحيداً كنتُ..

أخبُّ الرمل بصحراء القلب....

كانتْ..

كلُّ خيولِ الليلِ تجيءُ على صهوة البلاد الوحيدة..

كانت دمي..

وكانت خيام خولة ترحل في اضلعي..

وغيومها تمطر حزناً..

ونار الغضا بعيدة يلفها الأسل..

كنت اسال الرمل عن مضاربها..

واصرخ في عمق الصراخ اهلي..

من منكم يدلني عن خيام خولة...

مادلني سوى قلبي...

بكيتُ...

من طول السّرى والعذابْ ...

صارتْ ديارُها مزاراً على النوى..

تطفو على ماء الاسى..

شطّتْ بنا القُبَلُ...

وصارتْ سراباً يبحثُ عن السّراب..

صِرتُ...

 أبحث عنها وسط ركام الزمان الخرابْ...

لم أجدْ...

غيرَ قلبٍ سقيمٍ هدّهُ التّعبُ..

بَعُدتُ عنها..

صارتْ أمامي قمراً لاتراهُ العيون...

أعدّ نجوم السماء..

نجمةً..

 فنجمةً...

 ولايجيء صبحها...

كان الليل يسري في السّرى..

يحملُ أنجمَهُ التعّبى..

ولا ينامْ...

أتعبنَي السّرى إليها..

ولا بريدٍ..

 يأتي الى قصيدتي. 

ليطفيءَ في روحي نارَ الكلامْ...

 فمراكبي...

 غرقتْ عند ساحلِها البعيدْ..

وصارتْ...

 أثراً بعدَ عينْ..

يا.......

 قمرَ الماضي تعالْ....

هذي أحجيتي الاولى..

تبحثُ عن ظلٍ لخولةَ في أقصى السؤال...

أعترف لكم..

تعيشُ في دَمي. 

وتمشي معي أنّى مشيتْ..

تسهرُ كما أسهر في الليالي الطويلة..

تمسحُ..

دمعةً حدّرتْ على خدّ قصيدتي..

تضيءُ عُتماتِ روحي..

                          وهي حبيسة الظلام..

تطفئو حرائق ايامي..

وتنير دروب أحلامي..

أحملها..

كما أحملُ التّعب..

وتحملُني..

صخرة سيزيف على ظهر الندم..

أصحو...

وتصحو معي..

تسمعُ مثلي..

أغاني فيروز كما أسمعها وأحبها..

(ياجبل اللي إبعيد خلفك حبايبنا..)...

، تمشّطُ لي..

شعري..

وتعدّلُ ربطةَ عُنقي..

وتزيّنُ...

 وجهي بعطر طفولتها..

 وتطبعُ قبلةً حرّى على شفاهي...

فتهدأ روحي. 

وتخضرّ كلماتي..

يمضي النهار..

وأعود...

 تسبقني لهفتي ولوعتي..

شوقاً...

لمن يضيق بي بدنها النهار..

كلُّ شيءٍ....

صارَ محضَ ذكرى.

 إلاّ حبُّها..

فهو قُبلةُ شعري ومواجعي..

وبيرق أحلامي..

حينما..

يصير الشوق آليها مزاراً..

حينها...

أسبلُ عينيّ في آخر الليل...

وأنام..

يحملُني الحلّْمُ إليها..

أطرقُ...

بابَ ليلِها...

 وأدخلُ...

 بعد أن أخلعُ نَعلي....

((أقَبّلُ ذا الجدارِ... وذا الجدارا))...

وأطوفُ في بيتها العتيق..

أبحثُ..

 عن نجمةٍ غَفَتْ..،

                        في ليالي التراب..

تضيءُ لي أزمنتي..

 وتزيحُ عن روحي جبالَ العذابْ..

عندها..

أشيلُ عن كَتفِي براثنَ غربتي..

وأبني لها..

مدينة من الأسى في أقصى الدّنى...

وأهيلُ...

 على قلبي....

 حفنةً من ترابِ قبرِها..

وأصلّي...

 ركعتينِ في الغيابْ... 

 

الموصل..

كازينو وكافيه آسطنبول...

٨/٤/٢٠٢٥


مشاهدات 55
الكاتب عبدالجبار الجبوري
أضيف 2025/04/20 - 4:27 PM
آخر تحديث 2025/04/20 - 11:51 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 1224 الشهر 21150 الكلي 10901797
الوقت الآن
الأحد 2025/4/20 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير