فاتح عبد السلام
قامت قيامة الخطباء العرب من جُلاس المقاهي والفضائيات والمقار الحزبية الوثيرة ومحور الممانعة والمقاومة، حين اعلن وزير سابق للخارجية في دولة قطر، عند اشتداد القصف الإسرائيلي على غزة في حرب ماضية ، انه يذهب الى تل ابيب من اجل هدف واحد هو التوسل لإيقاف الهجمات الإسرائيلية المدمرة، وكرّرها جاداً وقاصداً، انه” ليس بأيدينا سوى التوسل لعل القصف يتوقف.
يبدو انّ العرب اليوم في مشهد إبادة غزة، في حال من الضعف والهوان والتلاشي بحيث فقدوا إمكانية التوسل لمَن يقيم علاقات طبيعية مع إسرائيل أو سواهم، او من خلال التوسل بالعالم للتدخل من اجل إيقاف مجازر حقيقية تنال من الأطفال والمستشفيات والبيوت السكنية، وغير معنية بتدمير نفق واحد من الانفاق التي استخدمت في صعق فرقة غزة الإسرائيلية ومسح كرامتها وهيبتها بالأرض يوم السابع من أكتوبر. هل سمعتم ان القصف دمراً نفقاً « إرهابيا» واحداً؟
اكتشفنا انَّ التوسل ليس مسألة هينة أو يستطيع القيام بها أي طرف لأنه يريد التوسل ليس إلا، فالتوسل برغم ما تحتمل المفردة في المعني العامي خاصّة من الإحباط والاهانة، ليس أمراً متاحاً أو له جدوى وفاعلية بيد العرب، وليس له كذلك آذان تصغي اليه.
كما انّ للتوسل شروطاً لم تعد تتوافر عند العرب، فتصوّر حالهم بجيوشهم وسفاراتهم وتمثيلهم الدولي وملياراتهم في بنوك العالم، لم يعدوا يمتلكون إمكانية هذا «التوسل» على بؤسه. حقاً انهم بكل بهرجتهم واضوائهم واموالهم «لم يبلغوا كعباً ولا كلابا».
ليس للعرب أوراق ضغط على أحد، ومَن له بعض الأوراق نراه محتفظا بها لـ»يوم كريهة وسداد ثغر»، وهو يوم لا وجود له الا في تلك القصيدة التي هزّت الضمائر بـ «صدرها” الذي يتناساه العرب عامدين مهطعي رؤوسهم، ويحتفظون بـ»عجز” البيت من باب الاحتفاظ التقليدي بحق الرد، كما اعتاد لعاب لسانهم. ورحم الله شاعر ذلك البيت المحفور على أديم المصائب العربية الجارية، عبد الله بن عُمر بن عَمرو بن عثمان بن عفان بن أبي العاصي بن أمية بن أبي عبد شمس، الملقب بالعرجي
بعدما فقدنا ذلك الصدر القائل” أضاعوني وأيّ فتى أضاعوا» لم يعد هناك سبيل الى التوسل ذاته بكل ما يحمل من ذل وهوان وقلة قدر وحقارة قيمة.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية