فاتح عبد السلام
كبار السن في العراق ليس لهم حظ من الرعاية والتقدير الا إذا كانوا سياسيين، فعندئذ يصبحون من العملات النادرة التي يستمر المشهد السياسي بالتمسك بها بوصفها سند البنيان، في حين انّ معظم السياسيين الذين يمارسون سلطاتهم في مناصب كبيرة وقد تجاوزوا السن القانونية للتقاعد، توقفوا منذ أمد بعيد عن التفكير السليم والتخطيط الذي يتناسب مع حاجة البلد للنهوض، وهم يتعثرون ببقايا مشاكلهم الشخصية والحزبية
وشجونهم مع ما حصلوا عليه من امتيازات مادية تكفي أحفاد احفادهم، في رحلة الحصاد السهل والثمن في بلد التسويات والتوافقات المشبوهة.
الطبقة السياسية الشائخة جفّت، إذ أنها حين كانت في ريعان شبابها وجدناها عبئاً على العراق ولم تقدّم ما ينفع الحرث والنسل أو ما يمنع تدميره وتبديده، فكيف حالها اليوم؟
في حين انّ الموظفين المتقاعدين في سن الستين، من السهولة أن نجد بينهم الخبرات النافعة العالية، ويستطيعون الاستمرار في العمل بكفاءة وعطاء لخمس سنوات أخرى إن لم أقل تسع سنوات، وهم خزائن خبرات من الممكن ان يجري انتخاب الاصلح منها وتوزيعها على جميع قطاعات العمل المتعثرة والتي تحتاج الى المزاوجة بين جيلين لتقديم الافضل.
يظن بعضهم انّ رعاية كبار السن من المتقاعدين او المواطنين الاخرين هي ان نرسلهم الى دور العجزة التي لا يتذكرها الا «بعض» المسؤولين نادراً قبيل الانتخابات او في افطار استعراضي في شهر رمضان. و إيداع كبار السن في هذه الدور هو امر مستحق عندما تكون الحالة مناسبة وضرورية، لكن هناك مجالات أخرى لإطلاق الإمكانات التي يكتنز بها جيل كامل لديه من الإمكانات الكثير لكي يعزز أي بناء جديد. وهذه مسؤولية الوزراء في البحث عن النوعي للإفادة منه. أعرف الوزراء طبقة تنفيذية روتينية وبعضها مهترىء، لم يتجلَ عنها ابداع في الحدود الدنيا في خلال عقدين تعيسين من الزمن، لكن من الناحية النظرية هي مسؤولية الذين يديرون مؤسسات وحقائب كبيرة.
هناك حجة سهلة يسوقها المسؤولون المتملصون من واجب الابداع والاضافة وهي انّ المخصصات المالية لا تكفي لإعادة توظيف متقاعدين، في حين انّ هناك أبواباً لا تعد ولا تحصى من مجالات التوظيف والدعم الوظيفي، وبعضها من دون مقابل، وبعضها الاخر باجور متدنية لا تعادل عشر ما يتقاضاه العاطلون والمدعون بالحقوق زوراً من مؤسسات كذا ومذا وشذا.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية