قف للمُعلم
حامد الزيادي
قيام جلوس يمين يسار الى الصفوف ادخل ،بني اقطع الكلام وانتبه لماذا تبكي بني ؟ماذا يولمك؟ بني ماذا تحلم ؟ بني هل تحب المدرسة؟ وماذا تفكر عندما تكبر؟ بني هل انت جائع؟هل أنت تعبان؟ هل أكملت واجبك البيتي؟ هل أنت مستعد للامتحان ؟ عبارات يرددها المعلم كل يوم بل كل درس وساعه مع عبرات وحسرات وجدول حافل بالهموم والقلق يلازم المعلم كل لحظة وخطوة في تجسيد إنساني نادر جعل من المعلم رادار متحرك لكشف الفوارق الطبقية والسلوكيات السلبية والتغيرات النفسية في إنذار مبكر قد لا تكشفه اي قوة أخرى يمكنها التعامل معه والتواصل لهذا يتحمل اليوم المعلم العبء الأكبر على حساب صحته النفسية والبدنية فمن ينظر لهذا الكائن الإنساني الذي يخبي تحته كم هائل من المشاعر والأحاسيس تجاه الصغار تتسع لهم حتى يكبروا في عقد أخلاقي وتربوي متبادل مع الأسرة حيث تستقبل المدرسة أعداد التلاميذ على تنوع بيئتهم وتعدد مزاجاتهم ورغباتهم وميولهم، فيقف المعلم كي يوحد الصفوف وينظم الوقوف ويتابع السلوك ويراقب التصرفات والحركات في دوام مباشر وتواصل دائم مع مستويات عمرية حساسة ،فيبدا البناء النفسي والبدني على مدار اشهر من العمل والصبر والأمل وهو ينظر وينتظر البراعم أن تكبر وتزدهر وتشعر بالمسؤولية وهو على هذا الحال كل عام يستقبل وجبة ويودع أخرى في دور تربوي تجتمع فيه كل معاني الإيثار والاباء ،وكل همه واهتمامه ان يضخ للمجتمع طاقات واعدة تحمل معها طموح البناء والإصلاح من هدف سامي ورسالة أنسانية صادقة ونقية ، ونقول لمن لا يقدر هذه المسؤولية والمهمة العسيرة التي يكابد فيها المعلم كي يكون قدوة َويتحمل اصعب الظروف القاسية كي يبقى عنوان يشار له بالبنان بحمل الإرث الخدمي والمعرفي الذي يزقه لابناءه التلاميذ ، لكن يحز بالنفس ان لا يجد شعور متبادل من قبل بعض الشرائح التي يقف المعلم سبباً في وصولها لمبتغاها وغايتها فياتي نكران الجميل للمعلم الذي افنى خدمته كي يقدم العلم والتربية ويتحمل الامانة التي يعجز عن حملها غيره، وهنا نقول لكل من يستصغر الدور ويقلل من القيمة وينكر الجميل ،أن يعيد حساباته وبستذكر الأجيال التي تخرجت ويتفكر جيدا بعِظم المهمة التي تقع على عاتق المعلم الرافد الأول لكل المهن والوظائف والراعي الأخلاقي والتربوي للمجتمع ،ونطالبهم بالانصاف والاعتزاز كي يشعر المعلم ان المجتمع أعاد له الدور والمكانة المرموقة التي يستحقها فالتكريم والتشجيع عامل مؤثر في الإبداع والتألق ،كما يحتاج المعلم للخصوصية بالتعامل معه فكلما امتلك الاستحقاق اللازم استطاع ان يقدم الأفضل كما تفعل الشعوب والمجتمعات الأخرى مع المعلم، ومن المعيب ان يطالب المعلم بحقه وهو صاحب الحق والفضل على الجميع ومن المخجل ان يتراجع دوره في مجتمع يتطلع للتقدم وهو يظلم المعلم!!، ونكرر القول مهما تكلمنا عن المعلم لن يفي فضله او يُقدر دوره في زمن تبدلت به العادات والأعراف ،وبات المجتمع في خطر وسط تنامي الجريمة والانحلال والجهل والضلال ولا ملاذ إلا بالعودة للمدرسة وتوفير كامل احتياجاتها وإعادة الهيبة للمعلم الذي يعيد ضبط الأمور كما يجب.