الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الإنتخابات البرلمانية في العراق .. والغزال والأرنب

بواسطة azzaman

قليل من السياسة أحبتي

الإنتخابات البرلمانية في العراق .. والغزال والأرنب

شاكر عبد موسى الساعدي

 

مع اقتراب موعد فتح صناديق الاقتراع في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، يبدو العراق أمام انتخابات تشبه كل شيء إلا الديمقراطية. الأجواء مشحونة برائحة البارود أكثر من عطر الحبر البنفسجي.

 اغتيل المرشح (صفاء المشهداني) بواسطة عبوة لاصقة، وتحولت المنابر الدينية إلى ساحات تحريض طائفي. يخوض المرشحون سباقهم في ظل انفلات أمني وأموال سياسية تهيمن على المشهد، حيث تبدو الحملات الانتخابية، سواء في شوارع المدن أو عبر منصات التواصل الاجتماعي كفيسبوك، وكأنها معارك صغيرة تُنفق عليها الأحزاب مبالغ مالية طائلة. أصبحت الديمقراطية أقرب إلى حملة تسويقية مكلفة تفتقر إلى أي مضمون حقيقي.

تصريحات مشحونة ووعود انتخابية مثيرة للسخرية تهيمن على الساحة، فمرشحة تعد بتزويج 150 من مشجعي ريال مدريد، وصانع محتوى يدخل المنافسة تحت اسم "أوكسجين العمارة".وأخرى لا تعرف عدد مقاعد بغداد في مجلس النواب.

 في هذا الصخب، يغيب البرنامج الانتخابي الواقعي وسط أجواء من السخرية والتوتر. بحسب آراء الباحثين الذين ناقشوا المشهد ، تمثل الانتخابات انعكاساً لأزمة الثقة بين الناخب والسلطة، حيث تتكرر الوعود نفسها منذ سقوط نظام - صدام حسين المجيد – في  نيسان 2003الذي علمنا أن الأنتخابات لشخصه فقط ( تبايع أو لا تبايع ) دون أن تجلب أي أمل أو تغيير ملموس.

وفيما تحاول النساء دخول السباق بشجاعة، أصبح (قانون الكوتا) أداة لاستغلالهن وضمان الكتل السياسية لمقاعد مضمونة، بدلاً من تعزيز المشاركة أو المساواة. وفي الوقت نفسه، يحذر مراقبون من أن الانفلات الأمني واستهداف المرشحين واستبعاد المنافسين الذين لا ينسجمون مع "الإطار التنسيقي" يهدد نزاهة العملية برمتها. هذه العوامل تجعل النتائج مرشحة لإعادة إنتاج الأزمة بوجوه جديدة، بدلاً من تقديم حلول فعلية.

نعيش هذه المرة أجواءً متوترة مليئة بالقلق، في ظل اقتراب الانتخابات التي تثير الجدل بين المشاركين والمقاطعين. وعلى الرغم من مرور 22 عامًا، لم نصل بعد إلى ممارسة حقيقية للديمقراطية.

ما نشهده اليوم من تمزيق للصور وحملات إعلامية تهدف للتشويه والتسقيط يكشف عمق الأزمة. أما المرشحون، فهم غالبًا شيوخ دين من الدرجة الثالثة وشيوخ عشائر أو أولادهم أو أولاد سياسيين من المؤثرين في الحكومة ورجال أعمال أو شباب يفتقرون للكفاءة والخبرة في مجالات رئيسية مثل القانون والاقتصاد، يشكّلون بذلك طبقة النخبة المخملية التي تعيش بمعزل عن هموم الناس البسطاء، باستثناء القلة القليلة منهم.

يبقى السؤال المحير: كيف يمكن لهذه الفئة تشريع القوانين؟ ولصالح من تُسن هذه التشريعات؟ فالطبقات الكادحة تعاني الإهمال والتهميش، وتحيا في بيئة قاسية تتسم بالبؤس والشقاء، بينما تُغرق الطبقات المترفة نفسها في حياة مليئة بالرفاهية والفنادق الفاخرة والسفريات الباذخة. وحتى طعامهم يصلهم عبر خدمة التوصيل، بعيدًا عن أي معاناة تعيشها الطبقات الأخرى.

نتحدث عن الديمقراطية، سياسيًا واجتماعيًا، دون أن نكون قد فهمنا معناها الحقيقي أو مارسناها بعمق. ما نراه الآن لا يمكن وصفه بالديمقراطية، بل مجرد مشهد انتخابي ضبابي ومليء بالثرثرة الفارغة. ومع اقتراب موعد الانتخابات، يبدو أننا سنظل ندور في دائرة مفرغة، دون إصلاح حقيقي يلامس احتياجات المجتمع أو يغير واقعه.

وتبقى الأنتخابات البرلمانية لعام/ 2025في العراق الجديد( تريد غزال, أخذ أرنب/ تريد أرنب أخذ أرنب ).ويستثنى من ذلك الأسد القابع في غابة الحنانة , والذي ينظر الى الأنتخابات بعين المعارض رافعا شعار ( اللهم أجعلني مقاطعاً  وليس مشاركاً ).


مشاهدات 88
الكاتب شاكر عبد موسى الساعدي
أضيف 2025/11/03 - 1:57 AM
آخر تحديث 2025/11/03 - 12:31 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 402 الشهر 1921 الكلي 12363424
الوقت الآن
الإثنين 2025/11/3 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير