الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
انصحكم بالمأسسة قبل لا تشتغل المكنسة؟

بواسطة azzaman

انصحكم بالمأسسة قبل لا تشتغل المكنسة؟

عمر الناصر 

 

“اذهبوا للمأسسة قبل لا تشتغل المكنسة!” ليست مجرد عبارة عابرة أو تهديد شعبي بدأ يتصاعد تجاه الفشل والفساد والاخفاقات، حتى اصبحت مفردة “المكنسة” تستخدم كرمز ساخر لكن توصيف دقيق ينم عن مشكلة بنيوية في "الديموقراطية التوافقية" للعراق المعاصر. في هذا المقال سأحلل الخلفيات السياسية والاجتماعية في اربع مستويات ، من منظور اكاديمي للصراع المتزايد بين "الشعبوية والنخبوية "، ومدى الحاجة العاجلة إلى “المأسسة” كبديل حتمي للفوضى وتثبيت دعائم الحكم الرشيد ومركزية القرار السياسي النوعي القادر على تصحيح المسار وإطفاء غليان الشارع أو الانفجار الشعبي .

 

١- المستوى الاول المأسسة ؟

 

تعني بناء قواعد دائمة وإجراءات شفافة، ومؤسسات مستقلة، تسمح بتداول السلطة والمحاسبة دون الحاجة إلى “ثورة” أو “فوضى” او حتى " انقلابات " ، بالامكان تحقيقها عندما تتحول الأحزاب من كيانات شخصية إلى مؤسسات حزبية ديمقراطية ، يكون القانون فيها فوق الجميع وليس أداة لتصفية الخصوم، والتوقف عن استغلال النفوذ السياسي او الوظيفة عندها تتحوّل من كونها غنيمة لتصبح مسؤولية، مثلما حدث في رواندا ما بعد الإبادة، التي استطاعت أن تنتقل من "الكنس الدموي" إلى مؤسسات قوية، او تونس مابين ٢٠١١-٢٠١٤ رغم حالة الارباك والارتباك، ونجحت في كتابة دستور وإعادة هيكلة السلطة بشكل نسبي.

٢- المستوى الثاني المكنسة = كنس الفساد :

قد يكون تعبير قاسي نوعاً ما لكنه مجازي بحيث اصبح العقل الجمعي يشير إلى تطهير الدولة من الفساد المستشري وتسلط الأحزاب وتغوّلها التي لم تُنجز شيئًا رغم تدويرها للمناصب، وبحسب مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية لعام ٢٠٢٤، احتل العراق المرتبة ١٦٢ من أصل ١٨٠ دولة، مما يؤكد وجود مشكلة وعمق المأزق" المؤسسي" وانعدام فاعلية الرقابة والمحاسبة البرلمانية والشعبية.

 

 

٣- المستوى الشعبوي … بين الاحتجاج والانفجار.

 

الشعبوية في العراق ليست مجرد تيار سياسي، بل هي نتاج لفشل الطبقة السياسية باستقطاب جذور الدولة من النخب وبينة مؤكدة على عجزهم في تقديم حلول واقعية ملموسة للمواطن ، ادى الى "تفريخ الازمات" بصورة ملفتة ، والطبقة الشعبية و الشعبوية الاكثر ضرراً من ذلك ، اذ تشير بيانات وزارة التخطيط العراقية إلى أن معدل البطالة تجاوز ٢٧% عام ٢٠٢٤، وأكثر من ٤٠ % بين هذه الفئة من الشباب ، في ظل غياب معايير العدالة الاجتماعية بين طبقات واسعة من المجتمع تشعر أنها مازالت مهمّشة، رغم التضحيات والانتظار الطويل في طوابير اليأس،و هذه الشعبوية لا تُدار غالباً بمنهج أو مشروع لكنها تُعبّر عن طاقة غضب شعبي قد تتحوّل إلى فوضى مدمّرة إذا لم تُستوعب مؤسساتيًا.

 

 

٤- المستوى النخبوي - البُرج العاجي الذي انهار !؟

 

بعض النخبة التي تتسنم مراكز قيادية في الدولة، سواء كانت السياسية أو الأكاديمية أو الدينية باتت تعاني من انفصال شبه كامل عن الواقع الشعبي والتمسك بالامتيازات بدل تقديم رؤى إصلاحية بدل التمسك بعدم تجديد الدماء داخل المؤسسات والأحزاب ، بحيث أظهرت نتائج نشرتها مجلة “الإيكونوميست” عبر موقع “ناس” في ديسمبر ٢٠١٩ أن نسبة العراقيين الذين يثقون بالأحزاب انخفضت من ٥١ % إلى ٧٨ % بين عامي ٢٠١٣ -٢٠١٩ .

 

 

انتهى //

 

خارج النص // الانهيار في الثقة يؤشر على  ان النخبة لم يعد لها دور ولا تمثل الشعب، ولا تقرأ تحوّلاته النفسية والسياسية.


مشاهدات 32
الكاتب عمر الناصر 
أضيف 2025/08/16 - 3:32 PM
آخر تحديث 2025/08/17 - 10:25 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 581 الشهر 12194 الكلي 11407280
الوقت الآن
الأحد 2025/8/17 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير