الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قصيدة الشوارع لعبد المنعم حمندي.. الارتطام  ،الكمائن  ،الوشاية


قصيدة الشوارع لعبد المنعم حمندي.. الارتطام  ،الكمائن  ،الوشاية

عادل سعد

 

حين تتحول القصيدة الى احتدام  موظب بصدامات تخترق ما تحت السطح ،  يكون الحدث الشعري  أنسلاخاً  عن الحدود وأعلان محنة المرافئ حين تفتقد  المراسي .

لقد انعطف الشاعر ابو العلاء المعري في قصيدته( ليلتي هذه عروس من الزنج عليها قلائد من جماني) الى استنباط الحدث من بصيرة الظلام الدامس  ، كما أودع  الشاعر إليوت قصيدته (الارض الخراب) عند الغموض حين تساءل عن الشخص الثالث الذي يسير الى جانيه ، و توفرت ذات الرحلة للشاعر الفرنسي سان جورج بيرس ضمن قصيدته ( المنفى ) وللسياب في (  المومس العمياء) ، وهي تناشد بائع البط ان ترى طيوره بيديها حين مر في حي الميدان الملغوم بالعطور الرخيصة والمتبضعين من سحق الاجساد ، وارى  ذات  الابحار المبرمج باللوعة  ضمن  قصيدة (الشوارع) لعبد المنعم حمندي 

•تفصيليا ،  تنحو (شوارع) حمندي  الى  مكاشفة تتوقف عند عدد من  المجسات   ،مفردات مكثفة من الملاحقة  السببية ، واذا كان الصينيون يقولون (من يملك الطريق لا ينبغي ان ينام على احد جانبيه ) تظل طرق عبد المنعم  حمندي عند ثلاثية الارتطام ، الكمائن ،المبايتة   .

•لقد شيد حمندي من الوقائع  اليومية للشوارع رواية بمدلولات الاستياء والتبصر  والمواكبة  والذاكرة المتيمة بأمتلاك مسؤولية شاهد يحرص على استلال الحقيقة مهما كان الغبش الذي يعتم عليها  . والسؤال هنا ،هل شذب عبد المنعم حمندي الشوارع  من مسارت التفخيخ ليضعها تحت طائلة لحظة مصيرية ؟ يبدو ذلك وكأني به يقول انتبهوا إلى ما يجري بها

-الشوارع ملغومة

 بأرتياب  وخوف وهمس

•ويمضي  في روايته

-تنامُ الشوارعُ... ،

 تصحو  باوجاعها

والسماواتُ تهبطُ نحو بنيها

هبطنا معاً ..

وارتفعنا ..

ولم يبرق الرعدُ  ..

•ثم تنداح القصيدة الى شغف التوصيف في  سعيٍ الى تفكيك  الجزئيات بحرفية جراح  ماهر يصر على تبني الملاحقة المشروعة

-للشوارع روحٌ وشمسٌ،

وضوضاؤها حين يدخلها الناس 

نهرٌ تشبّث بالمستحيل

لكي تستمر الحياةْ

ملتقىً ورؤىً،

 وضجيجٌ تعالى من  الطرقاتْ

لا نراها  .. ولما رأتنا..

صحونا من الحلم .

•الحلم  استدراك ،والاستدراك هنا  وثوب الى جميع  الزوايا لألتقاط  ذاكرة طواها النسيان

- ربما  أنجبت غير أبنائها

ربما غيّرت سحنة العابرين 

فكيف تنام وفيها حشودٌ من العاطلين ؟

وفيها جيوش من الجائعين

وفيها اللصوصُ  وفيها الحواةْ

ودرابين مسحورةٌ  بالوشاةْ

وفيها العطاشى وفيها السقاةْ

وفيها  التراتيل محفوفةٌ بالصلاةْ

فكيف تنام ؟

•ثم ينكفئ  الى محنته فيقولة

-وهل أستطيع المسير بهذا الزحام ؟

-الشوارع عاهرةٌ قد تحب مرايا الذنوب

وأنا لا أحب المرايا..

أحب الشوارع  ..أمشي عليها  ،

وفيها نشأتُ ومنها ابتدأتُ  ،

وحين كبوتُ نهضتُ ،

ولما سكرتُ صحوتُ

لعل الشوارعَ أُمّي .

 التي انجبتني على دكةٍ في الرصيف

بفصل الخريف

لماذا الخريف ؟

•هنا السؤال الجوهري الذي مازال الانسان يطرحه وقد طرحه جلجامش وعندها لم يربح سوى الخيبة والغم والحيرة والاستكانة الى خيار الصفر

•لقد ازدحمت القصيدة  بالعديد من المتناقضات المتقابلة ، المستحيل امام فرص اليسر  والاستنارة  ، ثنائية الاستثارة  بين الصقوروالعصافير ، بين الجدب والمطر ، بين العتمة والرؤية ،   ، بين الهمس  والضجيج ، بين اللصوص  و الحراس  وعندما لايجد أرضية لهذه الشراكات الوجودية يتجه  الى الملمة ،هدنة الذين لا حول لهم إلا إشهار التعب ،وثيقة المتضررين من شدة الملاحقة والتلويح بمشقة فض الاشتباك

-ألملمُ كل الشوارع 

أقضمها  شارعاً شارعاً

ثم اودعها في جروحي

تنام الشوارع.. تصحو ..

تعبتُ من المشيّ فيها.. 

فكيف ألملمُ روحي؟

•الاجابة عن هذا السؤال عند تخوم محنة المكان ،وما اشدها في الشوارع……..


مشاهدات 41
الكاتب عادل سعد
أضيف 2025/05/12 - 4:27 PM
آخر تحديث 2025/05/13 - 4:49 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 269 الشهر 15585 الكلي 11009589
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/5/13 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير