اللامي..غياب مؤجّل منذ ربع قرن
صباح اللامي
عندما التقيتُه في “الشارقة”، خريفَ 2011، بحضور الدكتور أحمد عبد المجيد، رئيس تحرير صحيفة “الزمان” البغدادية، والروائية والإعلامية الأستاذة فائزة العزّي، كُنّا عَرفنا الثلاثة، ومن لسان أستاذنا، الصحافي، الأديب جمعة اللامي رحمه الله، كيف تعتني به زوجتُه الأصيلة “أم عمّار”، وترعى شؤونه، وتهشّ وتبشُّ لضيوفه، حتّى لكأنّها “شيخة من كرامِ الشيوخ”. قال لي يومها: “يا ابنَ عمّي، والله لولا هذه الّلبوة الكنانية، لضِعتُ. وذكرَ بخير وامتنان كبيرين، رعاية سموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد الهاشمي، أمير الشارقة، الذي قلّما نرى شبيهاً له في فعاله الطيّبة مع مشاهير العراقيين تحديداً!”.
وبحزنٍ وأسفٍ شديدين، أقول: قبلَ نحو ربع قرن، بدأت شراسةُ “الفشل الكلوي” تهدّدُ حياة الكاتب الأديب الجميل “جمعة اللامي”، كما اختطفت -قبل شهور- حياة الصحافي الكاتب الحسّاس “منذر آل جعفر” رحمه الله. رأينا “أبا عمّار” صُلبَ الإرادة، مؤمناً، مجالِداً مرضه، مصرّاً على المثابرةِ في إبداعه الأدبيّ، فكانَ بهذه المجالَدة، وبعناية الزوج الحنون، ورعاية أمير الشارقة، المثقف، النبيل، قد أجّل شبحَ الغياب، ربع قرنٍ، أمضاها في عذاباتِ العيش مع الداء الوبيل، حتى وافاه الأجلُّ الخميس الفائت، وها هو يرجعُ الى ميسانه في جنوب العراقي، ليكون بين أهله، وفي مدينته التي فارقها نهاية سنة 1959، لائذاً ببغداد، التي عشقها، وأحبّ ناسها، ومنتدياتها، إلّا أنّه فارقها “مُغظَباً” سنة 1979، وليحلَّ بعدَ ترحُّلٍ في سوريا وغيرها، مقيماً في الإمارات العربية المتحدة، حتى غيّبهُ الأجل الحتيم. إنّا لله وإنّا إليه راجعون.