مهرجان طريق الشعب العاشر .. وعي وتغيير
(الزمان) تتألق والحضور يشيدون بمهنيتها
بغداد - حمدي العطار
تحت ظلال نصب شهريار وشهرزاد على ضفاف نهر دجلة، وفي قلب شارع أبو نواس الذي ما زال يحتفظ بنبض بغداد الثقافي، انطلقت يوم الجمعة الماضي فعاليات مهرجان طريق الشعب العاشر تحت شعار «وعي... وتغيير»، ليشكل هذا الحدث السنوي مناسبة يتجدد فيها اللقاء بين الكلمة والفكر والفن، وتلتقي فيها أجيال من المبدعين والصــــــــحفيين والناشطين لتأكيد دور الثقافة والإعلام في ترسيخ قيم الحرية والديمقراطية.
منذ اللحظات الأولى لانطلاق المهرجان، بدت الأجواء وكأنها احتفاء بذاكرة الصحافة الوطنية العراقية، تلك التي لم تتخل يوما عن رسالتها رغم التحديات. فهنا تختلط الحروف بأنغام الموسيقى، وتتناغم أصوات المثقفين مع هدير الجمهور الباحث عن فضاء للحوار والإبداع والتعبير.
فضاء مفتوح
استمر المهرجان على مدى يومين متتاليين، وحمل باقة من الفعاليات الفنية والفكرية التي توزعت بين المسرح المفتوح والندوات الحوارية والأجنحة الثقافية.ومعارض للفن التشكيلي.
افتتحت الفعاليات بـ أوبريت “لا للظم.. نعم للحرية” الذي قدم لوحة فنية حملت رموزا ودلالات عميقة عن صراع الإنسان من أجل الكرامة والحرية، تبعها حفل فني موسيقي شارك فيه عدد من الفنانين الشباب الذين أعادوا الأمل إلى ذاكرة الجمهور بأغان تعبر عن الوطن والإنسان. في المقابل، شكلت الندوات الفكرية محورا أساسيا للمهرجان، إذ ناقشت موضوعات تمس صميم الواقع العراقي المعاصر. فقد تناولت إحدى الجلسات الانتخابات البرلمانية كأداة للتغيير الديمقراطي، فيما خصصت جلسة أخرى للحديث عن المفكر الراحل الدكتور فالح عبد الجبار بوصفه شخصية المهرجان، اعترافا بإسهاماته الفكرية العميقة في تحليل بنية المجتمع العراقي.
كما شهدت الفعاليات ندوة حول الصحافة الرقمية وتقنيات الذكاء الاصطناعي وأثرها على مهنة الصحافة، إلى جانب جلسة عن الثقافة ودورها في بناء الوعي الجمعي.
وفي ختام اليوم، كانت هناك جلسة حوارية مع سكرتير الحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي، الذي تناول مفهوم التغيير بوصفه مسؤولية اجتماعية وسياسية تتطلب وعيا نقديا وإرادة جماعية.
الزمان... حضور متألق وموقف ثابت
وسط زخم الفعاليات والأجنحة الإعلامية، برز جناح جريدة الزمان كإحدى المحطات اللافتة في المهرجان. فقد شهد الجناح إقبالا واسعا من الزوار الذين توقفوا عند إصداراتها المتنوعة، وتبادلوا الحديث حول دورها في المشهد الإعلامي العراقي والعربي.
الزمان هنا لم تكن مجرد صحيفة مشاركة، بل كانت رمزا لصحافة الرصانة والاستقلالية، تحضر بعناوينها العميقة وكتابها من مختلف الاتجاهات الفكرية، لتؤكد أن الصحافة العراقية ما زالت قادرة على أن تكون مرآة للواقع وصوتا للحقيقة.
في هذا السياق، قال رائد فهمي، سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، في تصريح خاص:
“الزمان من الصحف الرصينة التي تواكب الأحداث وتغطي المشهد الإعلامي بمهنية وموضوعية. تمتاز بتنوع أقلامها وانفتاحها على مختلف الأطياف الفكرية، وهو ما يمنحها مصداقية عالية في الوسط الإعلامي.”
أما مفيد الجزائري، رئيس المهرجان، فقد عبر عن امتنانه لمشاركة الزمان قائلاً:
“رافقتنا الزمان في كل دورة من المهرجان، وهي دائما حاضرة بمستواها المهني المتميز وبعلاقتها الودية مع الوسط الثقافي والإعلامي. حضورها هذا العام أضفى بريقا خاصا على المهرجان.”
الزملاء يشيدون بروح الزمان
توالت الشهادات التي عبرت عن التقدير لجريدة الزمان ومكانتها في المشهد الإعلامي.
إذ قال الكاتب قاسم حنون، رئيس تحرير مجلة الغد:
“مشاركة الزمان في هذا الكرنفال السنوي تعبير صادق عن التضامن بين حاملي الكلمة ومهنة المتاعب من الصحفيين والإعلاميين. إنها تمثل روح الصحافة الحرة التي تسعى إلى التنوير لا إلى الإثارة.”
بينما أبدى الشاعر عدنان الفضلي، سكرتير تحرير جريدة الحقيقة، إعجابه الشديد بالزمان قائلا:
“هي الصحيفة التي احتضنتني منذ بداياتي، وانطلقت منها أدبيا وصحفيا داخل العراق وخارجه. الزمان صحيفة ذات حس وطني وموقف ثابت يدافع عن الوطن والشعب، ولها فضل كبير في رعاية الكفاءات الشابة وفتح الأبواب أمام الإبداع.”
مشهد للتنوير
اختتم مهرجان طريق الشعب العاشر فعالياته وقد ترك أثرا عميقا في نفوس الحاضرين، مؤكدا أن الثقافة ما زالت قادرة على توحيد الطاقات وإشاعة الأمل في زمن الانقسام والتعب.
لقد أثبت هذا الحدث أن الكلمة الحرة لا تزال حية في العراق، وأن الصحافة الوطنية – وفي مقدمتها الزمان – تواصل أداء رسالتها في الدفاع عن الوعي والتغيير والعدالة الاجتماعية.
وبين أصوات الموسيقى ووهج الكلمة، ظل شارع أبو نواس ينبض بالحياة، شاهداً على أن الثقافة العراقية لا تنطفئ، بل تتجدد كل عام في مهرجان طريق الشعب، حيث يلتقي الوعي بالإبداع، وتنتصر الكلمة على الصمت.