كتبة الأعمدة الصحفية والعراق
جاسم مراد
لست منتمياً لجهة سياسية ، واعترف اني عروبي قومي ، قبل كل هذه القوى تصدينا للنظام الشمولي ، وصفيت قيادات وسجنت أخرى وهرب البعض ، وكنت مع والدتي سجينا ، امضيت خمس سنوات ووالدتي ( 45) يوما بسبب وجود مطبعة الحركة في بيتي وتوزيع مناشير الحركة الاشتراكية العربية في الكرادة الشرقية وفي الكرخ منطقة الجعيفر ، وهربت و تدخل الرفيق جورج حبش لدى الرئيس البكر واطلق سراحها ، ليس هذا هو المهم ، فهذا الدرب اخترناه ، ولكن الأهم لم نتخلى عن حبنا للعراق ، ولم نتخذ يوما ما يوجع العراق أو يقلل من قيمته أو يضعف موقفه بين دول الجوار والعرب والعالم ، وكنا نعتقد ولازلنا رغم مرور سنوات الغربة والوجع بان العراق هو محور العالم ولا دولة في المنطقة والمحيط والشرق والعالم تمتلك مثل ارث العراق التاريخي ارثاً ثقافتاً وتاريخاً وانسانيا ونضاليا .
اقوام البشرية
ممنذ بدأ الله الكلمة الأولى للإنسان بالقلم ، كان العراق الأول الذي علم الكونية البشرية برمتها ، كتابة الحرف ، وجعل من القلم مدرسة الانتشار الإنساني نحو اقوام البشرية الأخرى ، ثم توالت الانجازات الأخرى ليس من دول او شعوب أخرى بل من العراق ، من بينها المدينة والزراعة وجسور حفظ المياة والري ، وجاء قانون حموراري الذي نعتقد ولسنا جازمين بانه يتجاوز العديد من قوانين العــصر في الكثير من الدول .
إذن أيها السادة الكتاب للاعمدة ، انتم تمتلكون الأموال وتمتلكون من يقف معكم وقد تراهنون على دول ، ونحن لانمتلك سوى ايماننا بعروبتا وبالعراق ، فليس من حقكم تخوفون العراقيين بالتهديد ، قد تختلفون مع النظام والحكام ، لكن لايحق لكم تخويف الشعب العراقي بان أمريكا قادمة وان تغيير المسؤولين الأمريكيين ينذرر باجراء تحولات كبرى ، وان الوضع العراقي مهدد بتغيرات لايمكن حساب نتائجها ، وان العراف على شفا إجراءات دراماتيكية وان الانتخابات تسيطر عليها جماعات مرتبطة بايران .
هنا نقول لكم على مر التاريخ منذ كلكامش الذي بنى سور اوروك دفاعا عن المدينة ، ومنذ حمورابي واكد ونبوخذ نصر والدولة العباسة ، منذ ذلك التاريخ العتيق الذي لا تمتلك دولة في الكونية مثله ، والعراق مهدد ، فإذا كنتم خائفين فالشعب العراقي لا يخاف ، انتم أيها كتاب الاعمدة لم تزوروا العراق ولم تروا شيئا من العراق ولم تعرفوا ماذا يجري وجرى في العراق ، هناك مشاعر شعبية متوحدة وهناك رفض شعبي للطائفية وهناك ايمان وتوسع في فهم المواطنة والوطنية ، وإذا كانت بعض الكيانات والأحزاب تتعكز على ذلك ، فإنها يقينا لم تبقى سوى هيالك لامعنى لها .
حسابات نهائية
العراق يا كتاب الاعمدة ، لا يستحق منكم تخويفه بالامريكان ولا البريطانيين ولا أية جهة بهذا الكون ، فهو الذي يخوف الاخرين ، فإ ذإ كان الخلاف مع الظام ، فليس من حقكم ان ترهبوا العراقيين جائكم فلان وغزاكم علان والأمور في دفتر الحسابات النهائية لفلان . اكتبوا بعقلانية وتروي ، واني أقول بالرغم من العديد من الملاحظات ، على النظام بان دفتر الانتخابات الدفتر المفتوح الاخير افضل دفتر في المنطقة كلها ، إذا عندكم اعتراض دلونا أي دولة في المنطقة برمتها تمتلك دفتر حق الاختيار للمواطن المثقف والعادي سوى العراق . صحيح إن المواطن لم يصل لحالة النضج في الاختيار ، لكن الوضع الشعبي العام بات يشعر بخطر الطائفية والمذهيية والمحاصصة وهذا اعتبره كمواطن متابع مهم وتطور بعد انغلاق فكري استمر اكثر من ثلاثين عاما .
ارحموا العراق أيها الكتاب الاعمدة ، فهو لا يستحق منكم هذه الإساءة ، فانظروا لكتاب أوروبا ، والعرب من منهم استهان بدولته مثلما تستهينون انتم ، اتقوا بالله أيها القريبون البعيدون من العراق . والسلام عليكم .