الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
السرد والدلالة في مجموعة طعمه البسام القصصية  صبرية والست عاليه


السرد والدلالة في مجموعة طعمه البسام القصصية  صبرية والست عاليه

نجم الجابري

 

حسب تعبير موباسان ان هناك لحظات ،منفصلة في الحياة لا يصلح لها إلا القصة القصيرة والقصة القصيرة هي النوع الأدبي الأقرب الى روح العصر الذي اتسم بالسرعة والاختزال ، ومن مشتقات  القصة الأقصوصة والقصة القصيرة جدا، حافظت القصة القصيرة بمسمياتها على جمهورها مع تعدد ثقافات المؤلف والمتلقي كون القصة تقتفي اللحظة وتبحر بالمتلقي بمسافة قصيرة من السرد وباتقان المؤلف.

في هذا السياق صدر مؤخرا عن دار النيل للنشر في البصرة مجموعة صبرية والست عاليه ب 24 نصا قصصيا للقاص طعمه البسام.

مرامي القص؛

يأخذنا الكاتب لصور انسانيه تتشظى' سبر اغوار احداثها وعوالمها المكنونة وصراعاتها مع ذاتها في مشهدية تصويرية تميل الى الرومانسية أحيانا وبلغة من الشعر ايضا،

في تلك القصص ال 24 التي حوتها المجموعة ينوع الكاتب أسلوبه في تجاوز الترتيب الزمني للحدث منطلقا من المشهد الأخير ويستعيد خيوط السرد عبر تصاعد الحالة النفسية للشخصيات واخرى من مشهد الذروة يفكك احداث نصوصه السردية التي يستنتجها المتلقي ويقوم بتركيب خيوطها ف القارئ أحيانا يشارك الكاتب في اعادة بناء قصته في الخيال عبر الإيحاء الذي يعتمد عليه .

المؤلف

موقع السارد:

يتخذ السارد طعمه البسام موقع السارد الذي يقوم بوصف وسبر العالم الداخلي ل شخصيات قصته في هوامش السرد منتقيا مواضيع قصصه من محيطه الاجتماعي، المؤلف صندوق أسود لمجتمعه الذي يعيش فيه مسلطا الضوء على ارهاصات  هذا المجتمع وانفعالاته النفسية ومايرتكب بحق افراده من الحكم بمكيالين. تقديم القصة

قدم للمجموعة القصصي الناقد نجم الجابري بالقول هذه المجموعة القصصية لا يكتب  فيها طعمه البسام عن الابطال فحسب بل عن الناس الذين لا تلتفت اليهم الروايات الكبرى عن صبريه   التي تشبه وجه الوطن عن صبرية التي تشبه الوطن وعبد الرحمن الذي ابصر بعد ان فقد عينيه وعن ندى التي تحارب النسيان بالصوره وعن جواد الذي صمت لينجو من ضجيج العالم هذه قصص قصيره لكنها ممتدة في الذاكرة اغنية قديمة نعرفها ولا نذكر متى  سمعناها اول مره

بلغة هادئة وعين راصدة ونفس مليئة بالحنين والتمرد معا يرسم الكاتب ملامح عراق ينهض من الرماد ويتكلم بصوت الذين صمتوا طويلا،

هذه ليست حكايات عابرة بالأرواح تمشي على الورق وذاكره تكتب لتبقى وعندما تطالع المجموعة ستجد نفسك فيها لو كنت نسيت انك كنت هناك؟!

ملاحظات أخرى

كتبت كل المجموعة بعيدا عن إشكاليات المكان والزمان فلا تتحدث عن مدينة ما ولا عن ساعة او تاريخ محدد وهذه تحسب للمؤلف هذه الخصوصية في النص السردي كونه أصبح مشاعا بعيدا عن زمكان النص.

ذروة الانفعال:

يبرع الكاتب في رسم لحظات ذروة الانفعال العاطفي و الصراع النفسي لابطال قصته التي تنتقل بين ضمير المتكلم وضمير الغائب في مشهدية تصويرية يأتي بها المؤلف محاولا تصوير تلك الانفعالات وصراعها الذاتي مع اشارة الى نهايات محتملة لقصته.

بعيدا عن المتاهة:

يقول غيورغي غو سبودينوف ان المتاهة قد تكون من وفرة المخارج وليس فقدانها

في قصص عاليه، صبريه، منير لم يكرر القاص اسلوب من سبقه في محاوله لتجديد خطابه السردي وابعد القارئ عن المتاهه والتصور بالضياع بين الفكرة والنص فقدم البسام نصوصا ناضجة واضحة تتحدث عن حالات اجتماعية تحدث في كل يوم في هذا المجتمع فنرى خلف نوافذ مجموعته قصصا مختلفة تتحدث عن الفقد والغياب والموت والاغتراب في المجتمع. الكاتب يعاني كما ابطاله فيصور الصراع في داخله وهو يقود النص الى مخارجه فاحيانا يقدم البسام تصورات لاعماق الكاتب وأعماق أبطاله ونفسياتهم بعيدا عن التشظي والاسفاف.

في هذه المجموعة المختلفه البناء والتي تشبه اسلوب القطراني البصري قدم بناء واسلوبا يبشر بأن القصة القصيرة في البصرة بخير وان هناك فتوحات جديدة ستحصل باسم طعمة البسام.

الخلاصة

هذه المجموعة القصصية تعد أول مجموعة قصصية مطبوعة متكاملة البناء اطلع عليها فقد كنت ممن يقرأ فنتازيا البسام على السوشيال ميديا وهي مليئة بالفكاهة السوداء، في هذه المجموعة قدم القاص نماذج من وقائع مختلفة محملة ب قطار الذكريات من مسقط رأسه في اوروك مرورا بتجليات الجامعة وإرهاصات الحداثة والمادية وحتى الفلسفية، يخيل للمتلقي أن القاص يتحدث عن ابطال يعرفهم فهو يستخدم أسلوب المتكلم في قصصه فهذا يعني ان المجموعة من أدب السيرة وتجربة البسام الثقافية كصحفي متمرس تظهر في ثنايا نصوصه التي جاءت بعيدة عن التشويش و خداع المتلقي او حتى إيهام الناقد لغة السرد  شفيفه وواضحة وضوح الشمس وهي عبارة عن يوميات تحدث كل يوم في أغلب المجتمعات الشرقية لكن المثير في هذه القصص المختصرة والتي تكون شبه قصيرة تأتي مسايرة لذوق القارئ في هذا العصر ليس فيها استطاله او حتى حشو بل واضحه ورومانسية كثيرا وحين اطلعت على مسودات القصة في طبعتها الاولى لم اجد خطا واحدا في لغتها وسلاستها وسوف تجعل المتلقي يعيش لحظات مرت عليه في حياته ولم يستطع توقيفها سيما من عاصروا القاص.

هذه المجموعة عملا إبداعيا كبيرا لا يخلو من الفلسفة والتجريد أحيانا لكنها كتبت بلغة واضحة ومائزه، أحداث القصص ومقارنات كاتبها تمنح النصوص موضوعية اكثر وقبول لدى المتلقي الواعي، تحتاج الى ناقد يسبر أغوار هذه النصوص ويفكك ما وراء نصوصها وإن كانت جلية لكنها عميقة وراقية.


مشاهدات 656
الكاتب نجم الجابري
أضيف 2025/09/15 - 2:46 PM
آخر تحديث 2025/09/18 - 6:47 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 602 الشهر 12914 الكلي 12030787
الوقت الآن
الخميس 2025/9/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير