الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
سباق الإنتخابات يعيد البرلمان إلى مربع التوتر الطائفي

بواسطة azzaman

سباق الإنتخابات يعيد البرلمان إلى مربع التوتر الطائفي

وفاء الفتلاوي

 

مع اقتراب العد التنازلي للانتخابات البرلمانية، تعود الأجواء المشحونة لتخيم من جديد على قبة البرلمان العراقي، وسط تصعيد لفظي وبيانات سياسية متبادلة، وتلميحات طائفية، وتراشق بالألسن جهراً بلغ حد الاتهام بـ”الخيانة” تحت القبة التشريعية في وقت تحاك فيه المكائد خلف الكواليس، جميعها مؤشرات تنذر بأن البلاد مقبلة على سباق انتخابي لا يخلو من الاحتقان كسابقاته حيث يبقى التسقيط السياسي خصلة متوارثة تتناقلها القوى المتنافسة كأنها سلسلة مرتبطة بحلقات الزعامات نفسها؛ زعامات تنعر بخطاب الكراهية في وضح النهار وتجلس مساءً على موائد العشاء في مشهد سياسي غريب وغير مفهوم.وفي ظل هذا التناقض يجد الناخب نفسه تائهاً وسط زحام الأصوات العالية والمواقف المتقلّبة عاجزاً عن التمييز بين البرامج الحقيقية ومسرحيات الاستعراض السياسي ما يهدد بفقدان الثقة مرة أخرى في العملية الانتخابية ككل.

فخلال الأيام القليلة الماضية بدا واضحاً أن بعض القوى السياسية قد أطلقت حملاتها بشكل مبكر ليس عبر البرامج أو الخطابات التنموية بل من خلال محاولات لتسجيل النقاط وتوجيه الاتهامات تارة باسم “الحقوق المهدورة” وتارة أخرى تحت لافتات “التمثيل المكوناتي” ويتصدرها الاتهام بـ”الخيانة”.فالمشهد ليس جديداً لكنه هذه المرة يتكرر في ظروف أكثر هشاشة، والناخب العراقي المنهك من تراجع الخدمات وتفاقم الأزمات الاقتصادية لم يعد يعبأ بالشعارات الطائفية لكنه يجد نفسه من جديد وسط ضجيج يهدد ما تبقى من ثقة بالعملية السياسية.الأخطر من ذلك أن بعض الكتل بدأت توظف الأبعاد الطائفية كورقة ضغط رغم ما شهدته البلاد من كوارث بسبب هذه اللعبة في محطات سابقة والبيانات التي تنشر يومياً والتصريحات النارية قد تحقق مكاسب قصيرة الأمد لكنها في المحصلة تدفع بالمشهد السياسي إلى مزيد من الانقسام.وإلى جانب هذا التشرذم الداخلي تلقي الصراعات الإقليمية بظلالها الثقيلة على العراق فكلما تصاعد التوتر في المنطقة زادت التدخلات وتكثفت الرسائل غير المباشرة من الأطراف الفاعلة في الساحة الإقليمية، فتهديدات إسرائيل المتكررة وتحركاتها في المنطقة تجعل العراق في مرمى الاستهداف خصوصاً مع تنامي الحديث عن تموضع جديد للنفوذ والسيطرة.وفي هذا السياق تغدو الوحدة الوطنية والاستقرار السياسي أكثر من ضرورة بل مسألة مصير في وقت تتشابك فيه الخيوط الخارجية مع الانقسامات الداخلية بطريقة مقلقة.

وفيما ينازع البرلمان عقد جلساته وسط هذه الأجواء والغيابات التي وصلت الى أكثر من نصف اعضائه فإن الانقسام يبدو أكثر وضوحاً في الكواليس حيث يتم العمل على تحالفات انتخابية بعضها يبنى على أساس الهوية لا على أساس البرامج أو الرؤى الوطنية.

لكن في المقابل لا تغيب عن المشهد أصوات تتسم بالحكمة والعقل تدعو إلى تهدئة الخطاب السياسي وتحث على مشاركة واسعة وواعية في الانتخابات بعيداً عن الانجرار خلف الفتن والانقسامات فتلك الأصوات التي تتزاحم إليها الزعامات والسياسيون وإن كانت خافتة وسط الضجيج لكنها تمثل الأمل المتبقي في إعادة توجيه البوصلة نحو استحقاق ديمقراطي فعلي يعكس إرادة الناخب لا صراعات الزعامات.

ومع كل ذلك فالوقت لم يفت بعد فما زال بإمكان القوى السياسية أن تعيد النظر في خطابها وأن تخاطب الشارع بلغة العقل والاحتياجات الحقيقية بدلاً من إشعال فتيل التوترات التي خبرها العراقيون جيداً.

وحتى ذلك الحين سيبقى البرلمان مسرحاً مفتوحاً لتصفية الحسابات إلى أن يقرر الناخبون بصناديقهم شكل المرحلة المقبلة.


مشاهدات 64
الكاتب وفاء الفتلاوي
أضيف 2025/08/11 - 3:35 PM
آخر تحديث 2025/08/12 - 4:54 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 139 الشهر 8372 الكلي 11403458
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/8/12 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير