الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
القضاء والقدر والإنسان

بواسطة azzaman

القضاء والقدر والإنسان

أحمد الأمين الجنابي

 

يتسائل الملحد، كيف يمكن لافعال الانسان ان تكون مكتوبة ولكنهُ مُخير، ويتسائل المُسلم إن كانت الاقدار مكتوبة فلماذا الاخذ بالاسباب وهل يغير الدعاء القدر وماهو القدر اصلاً وما هو القضاء؟. ببساطة! العقول المخلوقة قاصرة أمام الخالق، والمفاهيم والمُسميات والافعال الدارجة بين اوساط الناس تختلف تماماً عن ما هو موجود عند الله عز وجل. القلم والكتابة والتقدير والقدر والقضاء مفاهيم غيبية مُبهمة ، والغيب علم إلهي لا يُمكن لاي بشر او مخلوق او نبي او ملاك فهمه او تفسيره تفسيراً كاملاً او حتى بسيطاً، لذلك تجد بأن كبار علماء المسلمين الى الان لم يجدوا وصفاً دقيقاً او تفسيراً للغيب او القدر، وعبارتهم المشهورة هي (عدم الخوض في هكذا امور والله اعلم).

غيبية خاصة

هنالك فرق شاسع بين التفكر والإعجاب لغرض زيادة الايمان وبين التفكير والتوسع لغرض فهم كل شيء، لان المخلوق حين يفهم جميع الاشياء (الغيبية خاصة) سيصل الى مرحلة يتساوى بها مع الخالق (وهذا مستحيل) لأن العليم هو الله وما دونهُ بَشرٌ عُلماء، فإن تساوى العالم مع العليم بالفهم فلن يبقى لله مكانة في هذا الكون لان (المخلوق سيتساوى مع الخالق والعياذ بالله).

فالقدر هو مفهوم غيبي الهي بحت لا يُمكن لأي مخلوق أخر تفسيرة ولا فرض الفرضيات حوله، لكن يُمكن للانسان أن يَتَفَهم لا أن يفهَم، وان يُقر ويعترف بان كل شي مكتوب ومُقدر بكيفية لا يعلمها الا الله وان كل شيء ممكن ان يتغير بكيفية لا يعلمها الا الله، وان كل شيء حتى وان تغير فإن الله عز وجل يعلم به وهو مكتوب فعلاً لان الله كتب كل شيء (حتى الدعاء وما يتغير بالدعاء) كُلها من ضمن المكتوب.

الانسان مؤمر بأن يؤمن ويَدعو ويعمل الصالحات ويطلب ما اراد ويأخذ بالاسباب دون التفكير بالكيفية لأنهُ مؤمر، حتى وإن لَم يتغير شيء أو لم ينتفع من الاخذ بالاسباب، فهو ليس مسؤولاً عَما هو خارج سيطرته، بل هو مسؤول فقط عن ما يستطيع ان يُغيرهُ بيده أو بلسانه او بقلبه. الدُنيا وما فيها كُلُها لله فالمرض والفقر والموت والبلاء يجب ان لا تُساوي جناح بعوضة عِند مَن يؤمن بأن الله عز وجل يرى ويسمع ويتحكم، هُنا تكمن قوة النفوس والفهم العميق والتفكير العقلاني الواعي.

افعال مكتوبة

من يعرف بأنه الله، سيعرف بأن كل شيء مكتوب، ولانه الله فإن الانسان مُخير ومُسير. ولأنه الله فإن الافعال مكتوبة بكيفية غير معلومة ليس فيها ظُلم ولا اجبار فقط لانه الله (أي انه الخالق المُتحكم بكُل شيء بِلا نَقصٍ ولا تفاوتٍ ولا قصور) وهذا اكبر دليل على وجوده.

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال:

كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا غلام!

إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ اللّه تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل اللّه، وإذا استعنت فاستعن بالله.

واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه اللّه تعالى لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه اللّه تعالى عليك. رفعت الأقلام وجفت الصحف» - رواه الترمذي - وقال: حسن صحيح.

 


مشاهدات 68
الكاتب أحمد الأمين الجنابي
أضيف 2025/08/09 - 3:33 PM
آخر تحديث 2025/08/10 - 3:25 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 108 الشهر 6824 الكلي 11401910
الوقت الآن
الأحد 2025/8/10 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير