الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
إتفاقية خور عبد الـله.. رأي قانوني حول مقال رئيس مجلس القضاء الأعلى

بواسطة azzaman

إتفاقية خور عبد الـله.. رأي قانوني حول مقال رئيس مجلس القضاء الأعلى

حسين الفلوجي

 

نشر السيد فائق زيدان بصفته رئيس مجلس القضاء في العراق، مقال بتاريخ 23 تموز 2025 بشأن قرار المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية قانون التصديق على اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله، المقال يُثير إشكالات قانونية عميقة تتعلق بمبدأ الفصل بين السلطات، واستقلال السلطة القضائية، وقواعد السلوك القضائي المنصوص عليها في الدساتير والتقاليد القضائية المقارنة.

1- مخالفة صريحة لمبدأ استقلال القضاء  السيد فائق زيدان هو رئيس مجلس القضاء الأعلى، وهي مؤسسة قضائية دستورية معنية بالإشراف الإداري والمالي والمهني على شؤون القضاء، دون أن تكون لها ولاية قضائية مباشرة على المحكمة الاتحادية العليا، والتي تُعد هيئة دستورية مستقلة اداريا وماليا بموجب المادة (92) من الدستور العراقي. وبناءً على هذا الاستقلال، فإن التدخل في قراراتها أو التعليق عليها بصورة توحي بالتوجيه لها أو الضغط عليها، يُعد مساسًا مباشر باستقلالية المحكمة، وخرقًا واضحًا لمبدأ الفصل بين السلطات.

2-تجاوز حدود الدور القضائي المهني

ضغط معنوي

المقال، بصيغته وطابعه السياسي الاعلامي وتوقيته ومضمونه، لا يمكن قراءته إلا باعتباره مداخلة سياسية تهدف إلى تبرير موقف الحكومة السابق من الاتفاقية، والضغط المعنوي على المحكمة من اجل إعادة النظر في قرارها. إن قيام أعلى سلطة قضائية في العراق بنشر مقال يتناول نزاعًا دستوريًا منظورا، ويشكك بحكم بات، يضرب في الصميم مبدأ الحياد القضائي، ويضعف ثقة الرأي العام باستقلال القضاء.

3- مخالفة لقواعد السلوك القضائي

وفقًا للمعايير الدولية لسلوك القضاة، كما ورد في «مبادئ بانغالور» لسنة 2002، يُمنع على القاضي التعليق العلني على القضايا المنظورة أو الباتة، أو اتخاذ مواقف علنية قد تُفسر باعتبارها تدخلاً في عمل محكمة أخرى.  إن نشر السيد فائق زيدان لمقال بهذا الطابع، لا يُعد مجرد «رأي قانوني»، بل هو تدخل مباشر في قضية دستورية معقدة كانت قد فصلت فيها المحكمة المختصة، وقد يُفسر قانونيًا كنوع من الضغط أو التأثير غير المباشر على القضاة، وهو أمر غير مقبول في أي نظام قانوني يحترم ذاته.

4-تشويه لمبدأ حجية الأحكام وتهديد لاستقرار التعاملات الدولية

القول بأن المحكمة الاتحادية قد أخطأت في عدولها عن قرار 2014، هو نقض لحجية الحكم القضائي من غير طريق قانوني. وإذا كان ثمة نقد لقرار المحكمة، فإن سبيله هو المرافعة القانونية أثناء نظر الدعوى، لا كتابة مقالات موجهة للرأي العام، هدفها إضفاء شرعية سياسية على اتفاقية مشوبة بشبهة عدم الدستورية.  كما أن محاولة تخويف المحكمة من «التداعيات الدولية» إنما تمثل خطابًا خارج النصوص الدستورية، يُسوّق لمفهوم مفاده أن مصالح الدولة تعلو على أحكام الدستور، وهو منطق يتنافى مع دولة القانون.

5- انتهاك مبدأ تدرج القواعد القانونية

احكام الدستور

اعتمد السيد فائق زيدان في دفاعه على المادة (45) من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية ليؤكد أن المحكمة لا تملك صلاحية العدول عن قراراتها، متجاهلاً أن النظام الداخلي ليس أعلى من الدستور، وأن المحكمة تملك صلاحية تفسير أحكام الدستور وتكييفها، بل وتطوير اجتهادها بما يحقق العدالة الدستورية. وان الخلط بين «المبدأ القـــــــــــــضائي» و»الحكم القضائي» في المقـــــــــــال انما هي محاولة فنية غير موفقة للــــــــــتشويش على القرار القضائي، لا لنقده بآليات قانونية صحيحة.

الخلاصة

إن مقال السيد فائق زيدان لا يُعد فقط تجاوزًا لصلاحياته بصفته رئيسًا لمجلس القضاء الأعلى، بل يشكّل سابقة خطيرة في التدخل العلني في أعمال المحكمة الاتحادية العليا. وهو، في جوهره، طعن صريح باستقلال القضاء الدستوري، وإضعاف لمبدأ سيادة القانون، ومحاولة لتسييس النزاع القانوني حول اتفاقية ذات أبعاد سيادية. وبناءً عليه، يمكن – بل ينبغي – اعتبار هذا المقال دافعًا دستوريًا مشروعًا لرفع دعوى جديدة أمام المحكمة الاتحادية للطعن في دستورية تدخل رئيس مجلس القضاء في أعمال المحكمة الاتحادية العليا.ففي دولة القانون، لا يعلو أحد على الدستور، ولا يُمنح أحد سلطة تفسير القضاء نيابةً عنه.

 

 سياسي مستقل

 مستشار لجنة كتابة الدستور


مشاهدات 166
الكاتب حسين الفلوجي
أضيف 2025/07/23 - 4:28 PM
آخر تحديث 2025/07/25 - 1:47 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 39 الشهر 16254 الكلي 11169866
الوقت الآن
الجمعة 2025/7/25 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير