الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
عودة لتتبّع المسار السياسي الوطني

بواسطة azzaman

عودة لتتبّع المسار السياسي الوطني

فاضل ميراني

 

في البدء، وتجنبا لأي تأويل، فالحديث هنا و بما سيرد من حروف و كلمات و جمل، ليس تعريضا بفرد او طرف، بل هو حرص مواطن و حقه بعد ان قدم و يقدم واجباته لبلاد اختار برلمانه ان يبقى فيها بعد ان ضحّى وقبله و معه مئات الالوف من اجل عراق افضل لكل العراقيين لا لفئة دون فئات.

هل انتهى كل شيء مع التاسع من نيسان 2003؟

طرق التفكير و آليات التنفيذ و قلب صفحات المر التي دفعتنا و دفعت غيرنا لنعارض و ندفع ثمن المعارضة؟

هذا ابسط سؤال بشُعبٍ و يمكن استخراج تشعبات اخرى ودفعها للشارع المستقل بل و حتى للمنتمين سياسيا ليجيبوا عليه بتجرد و و عي و ادراك.

لا اشتراط مسبقا في عالمي السياسة و السعي للحكم ان تفلح المعارضة في إقامة الافضل، ذاتيا او موضوعيا او بكليهما، والا لاختفى مسمى المعارضة او لعمل كل نظام على اصلاح ذاته.

لسنا حالة فريدة من حيث كوننا كنا معارضين و لسنا حالة فريدة من كون ان صار لنا قدر الوصول للحكم، كما اننا لسنا حالة معصومة من خطأ او خطيئة، ومع كل هذه المسلمات فذلك ليس مانعا امام اي فرد او طرف ان يراجع حساباته على قرارات سابقة و يستعد بحسابات لقرارات قادمة، مدخلا فيها العامل الاهم في المعادلة و هو الشعب، الاجيـــال الحالية والمقبلة.

التشبث بالمركزية

مع ان الجو السياسي يكاد يبدو متباين الالوان في العراق، الا ان ثقل تركيز كتل اللون تزداد كلما ازداد التقرب من بغداد بأعتبارها العاصمة الاتحادية، هذا الامر يتركز ليس بسبب التأطير الدستوري، بل لتشبث بغداد بالمركزية، وهذا الامر فكري متأصل، حتى مع البيان الدستوري لعنوان العراق الجديد الذي ينص على الفيدرالية وما تعنيه من معنى في شكل و مضامين السلطات.

قد يبدو الامر و للتوضيح اشبه بالحاصل على شهادة في تخصص لم يجتهد في التفقه فيه.

خلال العقدين الماضيين تكرست واتسعت ظاهرة الحزبية و التحزب، وهو امر مفهوم بمنطق طرق التفكير التي اخذت عدوى سريعة من اطراف ما ان اقتربت من السلطة حتى تورطت بقصد او بغير قصد بمشروع الانتشار داخل المؤوسسة الحاكمة مجاهرة بأن الانتماء شرط القبول، هنا بدأت اولى علامات الوهن في مشروع الهوية الواحدة، سيما و قد اضيف لها دافع تاريخي يتعلق بالمظلومية، واضيف لها معيار الثقة قبل الخبرة، وحتى الثقة صارت ثقة من طراز جديد بعيد عن الثقة التي كانت معيارا سابقا قوامه النجاح بتجارب العمل الوطني.

هنا لا يمكن نسيان امر مهم على انه لا يجوز ان يتحول لعذر مستدام الا هو المفاجأة التي انتابت كثيرا من الافراد و الحركات التي كانت الى قبل الحرب في 2003 تشك ليس بزوال النظام السابق بل تشك و لا تتصور انها قد تتمكن من الحكم بسبب ان التحول وان اخذ قبل ذلك مئات الوف الضحايا الا انه ما كان ليصبح حقيقة لولا التحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة الامريكية.

للتاريخ فأن اغلب الاداء السياسي و التنفيذي لم يكن بمستوى استيعابيٍ مسايرٍ للحدث، اذ نشطت هوية انتقام سريع تجاوز صناعَ القرار السياسي في النظام السابق الى تحميل طائفة بذاتها اخطاء تاريخ حكم يعود الى بداية الدولة الاسلامية، وهذا امر رفضته مرجعية النجف جهارا وبكرا و لكن دون فائدة ترجى.

اكتب هذا الكلام لاربط بين ضفتي حديث للوصول الى امر لا اريده ان يبدو دفاعا عن شخص بل توصيف لثقل مناصب يوجه لها اللوم و لا تشفع لها حقائق ليست مختفية، واهما منصب رئيس مجلس الوزراء، بأعتبار ان الدستور قد ركز بيديه صلاحيات كبرى خطرة، لكن الواقع يشير الى قيود حزبية سياسية قومية طائفية تؤثر في منصبه و على فكره و قلمه، واعيد التذكير انني اتحدث عن المقاعد لا عن اشخاص بذواتهم.

مقبول و وضع العراق على ما قدمنا ان ترشح المكونات ممثلين لها في المناصب الرئيسية، نحن نرشح رئيس الجمهورية الذي يكلف مرشح الشيعة ليكون رئيس حكومة، وقبلنا يرشح السنة رئيس المجلس النيابي، ويصار لاتفاقات بالتصويت له رئيسا للمجلس ثم يصار للتصويت على الرئيسين الجمهورية و الحكومة.

ومع انني قلت سابقا ان الظروف تكررت وافهمتنا ان الاصرار من البقية على مرشح رئاسة الجمهورية غايته فقط ان يكلف رئيس الحكومة، فأن هذا الامر صار عرفا يسهم في تجذير ظاهرة الاستحواذ على القرار، بحيث يجري التحكم بالاوضاع الداخلية والخارجية بحسب رغبات الكتلة المسيطرة على القرار، بل و التأثير بالسلب على مرجعيتي الدستور و القانون.

اريد القول ان العراق لم يكن و لن يكون سهلا قياده، لا داخليا و لا اقليميا و لا خارجيا، حتى في حالته الان، حيث يواجه تحديات جديدة في مختلف الملفات و المجالات، امنيا وعسكريا واقتصاديا واجتماعيا وفكريا وبنيويا، وقد كشفت حرب الايام ال 12 بين الشرق والغرب والتي كانت سماء بلادنا فيها مقيدة الاجواء حجم الشد و التأثير و استسهال كياننا، لحقتها قضايا نقص المياه و الطاقة و مشكلة الحدود الجنوبية المائية.

طبعا ليست هذه المشاكل وحدها هي التي ظهرت الى الوجود، اذا سابقتها و لا زالت مشاكل في بنية النظام تتعلق بالعلاقات بين بغداد و اربيل، بغداد التي يصدر قرارها السياسي الينا فنجيب عليها بقرار حكومي دستوري، وهذه تفصيلة سيجري الكلام عنها (مثلما سبق تفصيل بعضها) ربمقالات اخرى ان شاء الله.

مشهد الاداء

نحن بصفتنا الحزبية والسياسية نراقب مشهد الاداء الذي لم يزل للاسف مركزيا، فنجد ان القرار لا يصدر في اغلب الاحايين من روح الدستور بل من تصورات تصوغها حركات سياسية راديكالية، تدفع بمرادها لشاغل المنصب وتمارس وصاية او تتعمد اظهار تابعيته لها، ما يجعله محرجا و مقيدا وفي اغلب الحالات باحثا عن تكتل يحميه من منافسة او اشعار له بأحتمالية عدم التجديد له.

ليس هذا سرا و لا يحتمل من قارئه عتبا، ذلك اننا ان لم نسمِ الاشياء ولافعال بمسماها الان فلا فائدة من سردها مستقبلا على شكل مذكرات.

لا اريد المقارنة بين ادائنا الحزبي النيابي السياسي في كوردستان وبين نظيره في بغداد، حتى لا يقال انتي امتدح هنا واذم هناك، لكن التفاهمات التي مظلتها الدستور والحدود في التأثير و التوقف عند الفواصل يجعل المرشح الحزبي للمنصب التنفيذي حرا واضح المعالم و الصلاحيات، فأن تم تقييده فبقيد شعبي لاسترداد الحقوق، ومنها ومع الاسف وابسطها حقا هو ملف رواتب موظفي اقليم كوردستان الذين ماكانوا يتوقعون ان يزال نظام سابق يأخذ على الشك، ليجيء نظام يعاقب البريء على خلاف تنظيمي.

عموما، لموضوع الرواتب حديث اخر.

لكنني اعود للقول ان ابقاء شاغل منصب الرئيس الحكومي التنفيذي تحت طائلة مزاج لا يخلق هوية مواطن حرة مقبول الاختلاف القومي والديني والفـــــكري والمذهبي، والابقاء على نار متقدة تقدح في اوراق التاريخ وتـــــــــحميل الحاضرين ما يعــــــتقد انها ذنوب السلف، هذا الاداء لا يخلق الا مشاكل سيصعب حلها و تتـــــــراكم عليها فوائد و تخلق انتهازية داخل البيت العراقي بغرفه التي صارت تزداد اعدادها حيث بات متعارفا ان ما يمكن حيازته بعكاز انشاء حركة او حزب هو الامر الاسرع والانجح و الانجع للفوز بمناصب والاثراء والحصانة من المسائلة.

يجب ان نتذكر من نحن و ماهو واجبنا وان الدستور حاضر، و قبل ذلك اننا لسنا ببعيدين عن اي اجراء خارجي او حراك داخلي اذا ما استمر الاداء على اساس لا يأخذ بالحسبان معاني المناصب و المكانة داخل الاسرتين الاقليمية و الدولية.

 

مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني.


مشاهدات 142
الكاتب فاضل ميراني
أضيف 2025/08/09 - 12:59 AM
آخر تحديث 2025/08/13 - 6:18 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 203 الشهر 9166 الكلي 11404252
الوقت الآن
الأربعاء 2025/8/13 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير