الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
رياح يروي حكاية النورس ويكشف وقائع منسية.. قلم العيثاوي يفشي خفايا دورة لندن الأولمبية 1948

بواسطة azzaman

رياح يروي حكاية النورس ويكشف وقائع منسية.. قلم العيثاوي يفشي خفايا دورة لندن الأولمبية 1948

عمار طاهر

 

 

إزدانت المكتبة الاعلامية في الآونة الاخيرة بثلاثة اصدارات جديدة، سوف تسد بلا شك فجوة كبيرة في ذاكرة الرياضة العراقية،  فلا يوجد افضل من الصحفي شاهدا على التاريخ، ولاسيما عندما يكون قمة عالية، وقامة سامقة.. يدون أحداثاً عاصرها أو وقائع عايشها أو ينقب في أكداس المعلومات عن حقائق غائبة أو ربما مغيبة طواها النسيان، فينفض عنها غبار الاهمال، ويقدمها بلغة جميلة.. حاضرا ومستقبلا.

الكتب الجديدة التي رأت النور في هذا العام 2025  تشير الى حقيقة مهمة ، هي أن الصحفي هو الاجدر بتدوين التاريخ الرياضي، فكل ركن او زاوية او رواق في ذاكرته  زاخرا بمئات القصص والحكايا عن انجازات خالدة، أو احداث ليست عابرة،  كان جزءا منها، أو مشاركا فيها.. لذا نرى العديد من المؤلفات حمل أمانة  تدوينها صحفيون كبار، خلدوها بيراع من ذهب.. سوف نستعرض المنجزات الجديدة على وفق تسلسل زمني كما وصلتني من أصحابها  وهي هدايا ثمينة، أعتز  بها إيما  اعتزاز في مكتبتي المتواضعة.

وقائع منسية

الاصدار الاول للصحفي الكبير علي رياح، استدعى فيه من ذاكرته العامرة (وقائع منسية من تاريخ الكرة العراقية)، وعرضها باسلوب شائق ، وعبارات رائعة عبر (200) صفحة، أفشى  فيها اسراراً كثيرة، ضاعت في ضجيج الوقائع وصخب الاحداث، معيدا الاعتبار لنجوم وشخصيات رياضية في زمن صعب، عزت فيه الحقيقة.

رياح تحدث عن (سعيد والمشنقة) و (النيران الصديقة) و(يوم الزحف العجيب)و(الاماني المستحيلة)و(الدوري الابتر)و(حفلة الفلقة)و(الكرة المفقودة)و(وولائم الاهداف)و(الفوضى بعد الشدة) والعديد من  الروايات وضع فيها نقاط الحقيقة على حروف غامضة ليرسم الصورة الاخيرة لملامح غير مكتملة ظلت تثير الاستفهامات، بعد أن رحل الشهود ، ولاذ اخرون بالسكوت ضمن الاغلبية الصامتة.

كشف رياح عن شراء بعض الوفود الرياضية كؤوسا من الاسواق ليعودوا متوجين بانجازات وهمية في العصر ما قبل الرقمي، وغزوة الوطني لمرمى الحبشة، ورحلته الى اراضي الارجنتين، ولحظات انهيار السد، وساعات جمولي الاخيرة، والتوريث المستحيل للموهبة والابداع، في استرسال لا يدعك ان تغادر الكتاب الى ان تصل الى غلافه الاخير.

انا والنورس

الاصدار الثاني للصحفي القدير علي رياح ايضا، حكى فيه عن رحلته الممتدة على مدى (40) عاما مع اسطورة الكرة العراقية أحمد راضي .. تكلم عن ولادة النورس الابيض منذ البواكير، وعندما حلق عاليا في سماء الساحرة المستديرة، وعن تجرته مدربا واداريا ونائبا ، راصدا بالتواريخ رحلة طويلة، ومسيرة حافلة بالنجاح والفشل ..بالفرح والالم ..بالسعادة والتعاسة.

حوارات في الصحافة العراقية والعربية اجراها رياح مع نجم القرن العشرين، ومقالات رائعة، شخصت ما يعتري الاسطورة من وجع في محطات مشواره الطويل، فعنون مقابلاته الغنية بالمادة الصحفية بمانشيتات عريضة ومشوقة ، مثل (لا أتاسف لدخولي السجن ..انما اتاسف للفضيحة)و(ساقاضي حسين سعيد عشائريا)و(بابا اخر من يحق له الحديث عن الظلم)و(النائب في مواجهة النوائب).

 صورة بين جيلين زينت غلاف الكتاب الذي يقع في (274) صفحة، ظهر فيها المؤلف مع أحمد راضي، وعشرات اللقطات صورت دورة حياة النجم الكبير، واللقاءات التي أجراها رياح، والاعمدة الصحفية التي كتبها عنه ،على مدى عقود عدة، توثق احداثاً تاريخية متوالية،  فالمؤلف والمؤَلف  له تقاسما النجومية في الملاعب، وعلى الورق، وعبر الاثير.

الكتابان ليسا الاولين للكاتب، ولم يكونا الاخيرين فقد سبق وان اصدر مؤلفات عدة، فهو يعتصر ذاكرته فينزف صفحات خالدة، تدون سيراً ومواقف واسراراً نطالبه أن  يبوح بها عبر قناة خاصة في برنامج اسبوعي،أتوقع أن يحظى بمشاهدة عالية، فهو الصندوق الابيض للرياضة العراقية، بعد أن اهرق رحيق عمره وهو يتجول في الملاعب، وصالات التحرير، واســــــــــتوديوهات الاذاعة والتلفزيون، يرصد بعيون متقدة، وفكر خلاق، وخبرة مهنية طويلة،  كل شاردة وواردة في كواليس الرياضة العراقية

خفايا دورة لندن 1946

الكتاب الثالث كان للدكتور هادي عبد الله العيثاوي، والصحفي الاكاديمي مهند عبد الاله السعودي، رصدا فيه (خفايا المشاركة الاولى للعراق في دورة لندن الاولمبية 1948)، قدما فيه نتائج لم تعلن سابقا ، فالاصدار عبارة عن تفاصيل دقيقة ومعلومات مهملة عن تاريخ لا يعرفه احد، اكتشفاها عن طريق وثائق دار الكتب والوثائق، والصحف العراقية التي عاصرت هذا الحدث المهم، فالصحافة اسفارٌ  مجيدة تميط اللثام عن تفاصيل غائبة عن الذاكرة.

هذا المنجز العلمي صدر عن الاكاديمية الاولمبية وجاء ب(180) صفحة أسس لبداية الحركة الاولمبية في العراق، وتحدث عن نشأتها ، والإعداد والمشاركة العراقية في دورة الاولمبية في لندن عام 1948 ، وتناول التغطية الاعلامية واصدائها وتحليل هذه المشاركة وتقييمها بتفاصيل كثيرة كانت مجهولة، ولاسيما انها الاولى للرياضة العراقية على المستوى الاولمبي.

اجرى المؤلفان مسحا شاملا للتغطية الاعلامية التي شهدتها الدورة سواء عن طريق مراسل الزمان عبد الرزاق نعمان الذي كان يدرس في بريطانيا، او عبر صفحات جريدة الزمان التي تناولت المشاركة العراقية في الحدث الاولمبي الكبير، إذ افردت لها مساحات واسعة في صفحاتها، ونشرت ما كتب عنها سواء باقلام عراقية أو انكليزية.

بهذا الكتاب يغدو رصيد د. هادي عبد الله (21) كتابا متنوعا مابين الاعلام والرياضة والتاريخ، كلها اضافت من رصيده الفكري الى المكتبة العلمية، فنتاجه المبدع يعد دليل عمل للمشتغلين في الحقل الرياضي، فهو ينير عتمة مواضيع مختلفة عبر تسليط الضوء على افكار غير مسبوقة يتناولها بالبحث والتمحيص.

الصحافة والتأليف

 الحقيقة التي لاتقبل الجدل أن بعض الصحفيين الرياضـــــيين من الرعيل الاول كان لهم قصب السبق في الانتاج الفكري المبدع عبر مؤلفات رائعـــــــــة، خلدت مراحل مختلفة، ويأتي في مقدمتهم رياح، وعبد الله، فضلا عن الصحفي الكبير صفاء العبد صاحب حقيبة سفر التي روى خلالها رحلاته المهنية، فكان بحق اول من أسس لأدب الرحلات في الصحافة الرياضية.

عندما نطالع هذه المؤلفات الرائعة ندرك أن الصحافة هي القوى المحركة للتاريخ، فقد اخذت على عاتقها كتابة التاريخ الرياضي من نافذة اعلامية، اذ اضاءت فترات مظلمة لم يهتم بها اهل الرياضة من اكاديميين وخبراء في كليات التربية البدنية وعلوم الرياضة، اما المفارقة فإن  هؤلاء الكبار بكل شيء، سينتهي معهم عصر التاليف والمنجز المعرفي، إذ لا يرتجى بعدهم او يتامل ظهور صحفيين يمتلكون قوة الكلمة، وصرير القلم.

مانراه اليوم وما نلمسه على صعيد الاعلام الرياضي يجعلنا احيانا ننتحب بلا دمع، واحيانا نبتسم بدمعة، ونحن نستذكر اسماءً مضيئة لم تمر مرور الكرام، بل دونت باحرف من نور تاريخا حافلا بالمعاني الرائعة، والاخلاق الحميدة، والمفردة الجميلة، كانت كلماتهم كالشمس نشعر معها بالدفء والسعادة، مقابل اسماء مزيفة وجودها كالزائدة الدودية بلا ضرورة، فهم على الهامش، ظهروا من المجهول وانتهوا اليه، فنصوصهم كتبت على الرمال او الماء سرعان ما تتلاشى مع تراكم الايام، وتقادم الاعوام.

 


مشاهدات 86
الكاتب عمار طاهر
أضيف 2025/08/02 - 1:16 PM
آخر تحديث 2025/08/03 - 12:37 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 389 الشهر 1839 الكلي 11276925
الوقت الآن
الأحد 2025/8/3 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير