فم مفتوح .. فم مغلق
دائرة كهرباء الرصافة والخلل الضائع
زيد الحلي
يحمل عمود هذا الاسبوع ، جملة تساؤلات تخص دائرة كهرباء رصافة بغداد ، وجميعها تصب في معنى عام ، وكلي أمل ان ألمس اجابات منطقية ، تشفي غليل مئات العوائل التي عانت في الاسبوع المنصرم من حالة مضحكة ، مبكية !
وابدأ سؤالي : هل يُعقل أن تُترك المنطقة المقابلة لمبنى المسرح الوطني في بغداد ، بما تمثله من حركة تجارية وسكنية نابضة بالحياة، لتكون مسرحاً لمعاناة حقيقية، حيث الأهالي يقاومون صيف بغداد القاسي، وأصحاب المولدات يرفعون الراية البيضاء ويعتذرون عن التشغيل 24 ساعة، وكأنهم بدورهم ضحايا لقدر أقسى من احتماله؟
وقل لي بربك، كيف تضيع دائرة الكهرباء خمسة أيام في البحث عن سبب الانقطاع ، حيث تحول الأمر إلى رحلة عمياء بين الأسلاك والمحولات، وكأن المدينة بلا خرائط، بلا دليل، بلا ذاكرة تأسيسات تحفظ ماء الوجه؟ أليس من الطبيعي، بل من البديهي، أن تكون هناك قاعدة بيانات متكاملة، وخرائط مفصلة لكل شريان كهربائي ، حتى لا يظل الموظفون يفتشون بعشوائية فاضحة، وكأنهم يلاحقون خيط دخان؟
والأغرب من كل هذا، أن سبب الانقطاع ظهر في النهاية قريباً من دائرة الإقامة، وكأنه كان يختبئ ساخراً من كل هذا العبث. فهل يُعقل أن تظل اهم مناطق بغداد رهينة خلل تقني بسيط، يبحثون عنه كما لو كان لغزاً من ألغاز ألف ليلة وليلة؟ وهل من المعقول أن ينتظر المواطنون خمسة أيام، حتى يعرفوا أين تنقطع الروح عن الجسد الكهربائي لمنطقتهم ؟
ويكبر السؤال : هل يُعقل أن تظل بغداد ، العاصمة العريقة بلا نظام إنذار مبكر، بلا خطط طوارئ، بلا مسؤول يُشعرك أن هناك من يسهر على راحتك حين تنقطع الكهرباء في عز حرارة الصيف ؟ كيف نبرر هذا الفشل؟ أهو ضعف إدارة أم غياب ضمير؟ أم أن أرواح الناس وعرقهم لا تساوي حتى ومضة ضوء في حسابات من بيدهم القرار؟
إنها مأساة تُروى وكأنها قصة غرائبية من قصص المدن المتعبة. مأساة تُثير سؤالاً يصرخ في وجه الجميع: متى نرتقي إلى مستوى مدينة تعرف قيمة أبنائها، فلا تدعهم رهائن للحرّ والظلام خمسة أيام كاملة؟
Z_alhilly@yahoo.com