الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
بين الإنجاز السياسي والإستهداف الممنهج

بواسطة azzaman

بين الإنجاز السياسي والإستهداف الممنهج

فيان فاروق

 

في ظل التحولات السياسية المعقدة التي يشهدها العراق، يتعرض الحزب الديمقراطي الكردستاني، أحد أقدم وأقوى الأحزاب الكردية، إلى حملات ممنهجة ومتكررة تستهدف رمزيته السياسية ومكتسباته الوطنية. هذه الحملات، التي تتخذ طابعًا إعلاميًا وسياسيًا حادًا، تعكس حالة من الإرباك والقلق لدى خصومه أمام حضوره المتــــــــــــنامي، وقدرته على ترجمة طموحات الشارع الكردي إلى واقع ملموس.

منذ تأسيسه، لعب الحزب الديمقراطي الكردستاني دورًا محوريًا في الدفاع عن حقوق الشعب الكردي، وشارك بفعالية في مقارعة الدكتاتورية، وترسيخ مبدأ الفيدرالية ضمن الدستور العراقي. وبفضل قيادة سياسية متوازنة واستراتيجية تنموية واضحة، استطاع الحزب أن يحقق إنجازات ملموسة في مجالات الخدمات، البنية التحتية، والاستقرار الأمني، ما جعله اليوم أحد أعمدة الحكم الرشيد في إقليم كردستان.

تشويه سمعة

في مقابل هذا النجاح، برزت موجة من الاستهداف الإعلامي والسياسي المتكرر، تحمل طابعًا شخصانيًا أكثر منه نقدًا بنّاءً. تُركّز هذه الحملات على تشويه سمعة الحزب، والتقليل من إنجازاته، والسخرية من القيم الوطنية التي يتبناها كـ»الكرامة» و»السيادة» و»الحق الدستوري»، وهي مفاهيم نابعة من تضحيات طويلة لا تزال حاضرة في وجدان المواطن الكردي.الأمر اللافت أن بعض أطراف المعارضة الكردية، رغم مشاركتها في مفاصل الدولة العراقية، لم تقدم بدائل واقعية، أو برامج سياسية واضحة، بل انغمست في خطاب هجومي متشنج، اتسم بتجاهل تام لمتطلبات الشارع الكردي، وساهم في بعض الأحيان في إضعاف الموقف التفاوضي للإقليم في بغداد. بل إن البعض ذهب أبعد من ذلك، ليُستخدم كأداة سياسية ضد الإقليم، عبر التصويت على قرارات تمس حقوق المواطنين الكرد، أو السكوت على سياسات التجويع وقطع الرواتب.

من المهم أن نُوضح أن بعض التصريحات الإعلامية التي تصدر أحيانًا من مسؤولين أو شخصيات محسوبة على الحزب الديمقراطي الكردستاني، والتي قد تُفهم على أنها استفزازية تجاه بغداد أو تمس أطرافًا عراقية أخرى، لا تُعبّر بالضرورة عن الموقف الرسمي للحزب.

فالحزب، كمؤسسة سياسية ذات شرعية جماهيرية وتاريخ نضالي، يلتزم بخطاب متزن ويعتمد الدستور والحوار كمرجعية أساسية في العلاقة بين الإقليم والمركز. لكن في الوقت ذاته، لا يكفي التنصل من تلك التصريحات فقط، بل تقع على الحزب مسؤولية مباشرة في ضبط خطابه الداخلي ومحاسبة أي مسؤول يتجاوز الثوابت السياسية أو يعرض مصالح الإقليم للخطر.

الشفافية والمساءلة داخل الحزب تُعدان ركيزتين أساسيتين في ترسيخ الثقة بين القيادة والقاعدة الشعبية، وكل خطاب انفعالي أو غير محسوب يجب أن يُواجه بموقف تنظيمي واضح، حمايةً للمصلحة العليا.

فالمسؤولية المؤسسية تقتضي ألا يكتفي الحزب الديمقراطي الكردستاني بالتبرؤ من التصريحات الفردية غير المنضبطة، بل أن يبادر إلى محاسبة أصحابها، خاصة إذا كانت تضر بمصالح الإقليم وتستفز الشعب، أو تعطي ذرائع للخصوم في بغداد أو المعارضة الداخلية.

في هذا السياق، تبرز الحاجة إلى وعي جماهيري حقيقي. من حق المواطن الكردي أن يعرف من يُدافع عن مصالحه، ومن يتخلى عنها مقابل مكاسب سياسية آنية. من المهم أن يُسائل الشعب تلك القوى التي لم تحمِ الرواتب، ولم تصُن الدستور، ولم تتحرك حين تم تهديد الكيان الدستوري للإقليم. إن الوعي الشعبي بات ضرورة، لا لحماية حزب معين، بل لحماية التجربة الكردية ككل من الداخل.

الحزب الديمقراطي الكردستاني لم يردّ على هذه الحملات بالشعارات، بل اختار الميدان: فطرق، وسدود، وكهرباء، ومياه، واستقرار أمني، كلها تشهد على رؤية تنموية بعيدة المدى، بينما انشغل البعض الآخر بالتشكيك والافتراء.

سنوات سابقة

فعلى الرغم من تأمين الكهرباء للمواطنين اشتكت المعارضة من أجور الكهرباء في المحكمة الاتحادية ونحن نقول نحن لا ننكر أن ملف الكهرباء كان وما زال من أبرز التحديات التي تواجهنا، ولكن من الضروري أن نعترف بالحقائق على الأرض، أصبح مستوى الخدمة أفضل مقارنة بالسنوات السابقة، حيث شهدنا تحسنًا ملموسًا في ساعات التجهيز، وانعكس ذلك على حياة المواطنين اليومية، من المنازل إلى المصانع والمؤسسات، ليس فقط من حيث الراحة والرفاهية، بل حتى من ناحية تقليل الاعتماد على المولدات الخاصة، وما تسببه من ضوضاء وتلوث بيئي، المواطن اليوم أصبح أكثر وعيًا بأهمية عدم الإسراف في الاستهلاك، لأن التجربة أثبتت أن الحفاظ على الكهرباء مسؤولية مشتركة بين الحكومة والمجتمع، لذلك، بدلاً من تحويل ملف الكهرباء إلى ساحة للتجاذب السياسي، من الأفضل أن نتكاتف جميعًا من أجل تطوير هذا القطاع الحيوي، وأن نقدم النقد البناء المدعوم بالحلول، لا الشكاوى التي تستهدف زعزعة الاستقرار في الإقليم.

إن الحزب الذي تمكّن من الصمود في وجه الأنظمة الاستبدادية، والتفاوض مع القوى الدولية، وتحقيق منجزات داخلية رغم الحصار والضغوط، هو ذات الحزب الذي يواصل الدفاع عن الحقوق الدستورية للإقليم، ويطالب بالحوار العادل مع بغداد، بعيدًا عن التبعية أو المساومات السياسية.

ختاما ليس المطلوب من المواطن الكردي أن يدعم حزبًا دون نقد، بل أن يدعم من يصون كرامته، ويدافع عن حقوقه، ويحمي مكتسباته. والحزب الديـــــــــــــــــــــمقراطي الكردستاني، رغم كل الضغوط، يظل ثابتًا في خياره الوطني، مُعبّرًا عن إرادة شعب يرفض الخضوع ويؤمن بحقه في تقرير مستقبله ضمن عراق اتحادي ديمقراطي عادل.

 

 


مشاهدات 53
الكاتب فيان فاروق
أضيف 2025/07/12 - 2:57 PM
آخر تحديث 2025/07/13 - 8:13 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 215 الشهر 7764 الكلي 11161376
الوقت الآن
الأحد 2025/7/13 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير