الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
انسانيتنا بين نسخ ولصق

بواسطة azzaman

انسانيتنا بين نسخ ولصق

أميمة ابراهيم السامرائي

 

أجمل ما يميزنا كبشر هو تواصلنا الإنساني في تبادل الأفكار والتعبير عن المشاعر. منذ أن ولدنا ونحن نبحث عمن يسمعنا.. يفهمنا.. يدعمنا بكلمات نابعة من القلب من شخص يعرفنا لا من خوارزميات معقدة تتنبأ بمشاعرنا وصوغها بطريقتها .

مؤخرا أصبحت المقاطع القصيرة (الريلز reels) لغة شائعة بيننا وتراجع صوتنا الإنساني ولغتنا الحية , ببساطة لم نعد نتكلم صرنا (نشارك) , فعبارة صباح الخير ترسل مع فيروز وفنجان قهوة (وماذا لو كان مدمن شاي!) , وتهنئة الاعياد بنص منسوخ نحدد فيه كل جهات الاتصال دون تمييز , وعبارة كيف حالك؟ أصبحت ثقيلة على ألسنة بعضنا فاستعاروا صوت حمزة نمرة ليسأل بدلاعنا (إزيك إنت؟ عامل إيه؟) , حتى العاشق لم يعد يملك جرأة نزار قباني ليقولها علنا، بل يختبئ خلف بيت شعر مبهم، ويهرب بعده وكأنه ارتكب خطيئة. صرنا نتصرف كما كنا نصف الشخص البارد قديما بقولنا (صاير إنسان آلي ) لكن المفارقة أننا جميعا اصبحنا كذلك… دون أن نلاحظ.ربما هي مجرد وجهات نظر مختلفة فلا بأس أن يستخدم أحدهم قلبا أحمر بدلا من جملة تعبر عن الامتنان أو أن يكتفي بإيموجي للدلالة على الموافقة بدلا من الشرح طويل. الزمن تغير وطبيعة التعبير تغيرت معه, وفي زحام الايام وماراثوننا مع الزمن اصبحت تلك الادوات تختصرعلينا الكثير. كما ان الكثيرين وانا منهم احب المقاطع المسلية واحب ايضا ان اتشارك الضحك مع المقربين ولا بأس بأن نتشارك الأدعية، أو حتى أن نستلهم من محتوى جميل... لكن هل توقفنا عن استخدام أصواتنا الحقيقية؟ وهل تحولت الكلمات من مشاعر حية إلى ملفات قابلة للنقل والمشاركة؟ ولم يتوقف أثر هذا الخمول التعبيري عند العلاقات الشخصية فحسب بل تسلل حتى إلى عقول طلابنا وألسنتهم في درس التعبير فصار من النادر أن يكتب طالب فقرة سليمة عن موضوع بسيط كالوفاء أوالصداقة  دون استعارة من الإنترنت أو نسخ عبارات جاهزة من مقاطع قصيرة ضع أمامه ورقة بيضاء واطلب منه أن يصف شعورا ليحدق فيها كما لو أنها شاشة سوداء.نحن لا نقول أعيدونا إلى زمن الرسائل الورقية أو طوابع البريد أو التنهدات المكتوبة في دفاتر الحنين, لسنا ضد التطور التقني لكننا فقط نرفض أن يتحول هذا التقدم إلى عذر للكسل العاطفي والاختباء خلف المحتوى الجاهز, الكارثة ليست في استخدامك للتكنولوجيا لكن لا تدعها تتكلم نيابة عنك ,لا تجعلها تحب وتعاتب وتدعو وتشتاق وتكتب ما يفترض أنك تشعر به بكلماتك البسيطة المرتبكة, ما نحتاجه ليس فقط اتصال جيد بالانترنت بل الى قلوب نابضة بالصدق والدفء.

 


مشاهدات 43
الكاتب أميمة ابراهيم السامرائي
أضيف 2025/07/12 - 1:49 AM
آخر تحديث 2025/07/12 - 4:55 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 131 الشهر 6948 الكلي 11160560
الوقت الآن
السبت 2025/7/12 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير