فم مفتوح .. فم مغلق
حوار مع النفس بتحدّي (جمرة القيظ)
زيد الحلي
ما إن هبت علينا «جمرة القيظ « حتى وجدتني حبيس الجدران الأربعة، أجر خلفي ظلي المنهك من وهج الشمس، مستسلما لهذا الأسر الطوعي، دون مقاومة، وكأنني أعلن الهزيمة أمام لهيب الصيف.
في هذا السكون الثقيل، وجدتني أحاور نفسي.. وأسألها: أيكون الهروب إلى الظل جبنا أم حكمة؟ أأترك الطرقات للجنون المتجول في الظهيرة، أم أن السلامة لمن هم في عمري أولى من المجازفة؟
أضحك بمرارة ، وأجيب نفسي : لست وحدي.. فكثير من الاصدقاء والمعارف يحتمون خلف الأبواب الموصدة، ويلوذون بجدرانها، كأنها قلاع من الطين في وجه نار لا ترحم.
وهكذا، أمسك قلمي، وأسطر هذا الحوار الشخصي جدا.. حوار مع ذاتي المنهكة من الحر، المثقلة برؤى عامة.. رؤى عن مدينة تشتعل في تموز، وسكانها يختبئون مثل اليراعات في عتمة البيوت، منتظرين نسمة غريبة قد تتسلل ذات مساء.
أعرف أنني غلبت ذاتي على النص، ولكن ماذا أفعل؟
ها أنا ذا أضع حروفي القصيرة امامكم ، وفي حضرة جمرتنا ، متمنيًا أن تجدوا فيها بعض الظل، أو شيئًا من هواء الكتابة!
قلت لنفسي : كيف يفرق القارئ بين الكاتب والمفكر؟
فأجبت : من خلال النص .. فالكاتب يجتهد من اجل ان ينتج وعياً يسعى الى تغيير قناعة وجدان القارئ ، فيما المفكر يسعى الى ايجاد قناعة لتغيير العقول !
□ لمن تكتب ؟
ــ للناس ، وليس لغيرهم ، واشعر بالسعادة حين امتزج بروح الشعب لا بروح الطبيعة ، فالناس مورد حياة لا ينضب ، اما الطبيعة فحالة آنية زائلة..
□ لمن تركن في حياتك الى العقل ام الوجدان ؟
ــ لا هذا ولا ذاك .. اركن الى عاطفتي ، وهذا من اخطائي الكبيرة في الحياة .. حيث العواطف تخطئ دوما ، وكم أضلتنا عن سواء السبيل .. لكني اصر على الركون الى العاطفة ، اصرار الفراشة على النار الحارقة !
□ هل انت راض عن نفسك ؟
ــ الرضا عن النفس ، خصماً للطموح والتقدم .
□ الا ترى ان الدنيا من حولك تغيرت كثيراً ؟
ــ اعلم ذلك ، لكن جوهر الحقيقة في بناء الانسان ، محكوماً وحاكماً يبقى كما هو، وان تعددت الاشكال والمظاهر والنظم .. فالصديق الساكن في القلب مثلا ، هو روح الحياة مهما صابها من وهن نتيجة حب مغروس في وجدان السنين .
□ ماذا يعني لك الاستاذ فيصل حسون نقيب الصحفيين العراقيين الأسبق ؟
ــ طيب الله ثراه ، ما قرأت له سطراً ، إلاّ وجدتُ في أذني صوته ، وفي قلبي موسيقاه .. كتاباته دائماً مقروءة مسموعة معاً تستولي على الجوارح جميعاً ، ودور فيصل حسون في حياتي عميق الاثر ، واسع المدى .
□ □ □
وهنا حان وقت النعاس .. فعذرا لكم
Z_alhilly@yahoo.com