الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تأمل سردي.. رواية قبل البيان

بواسطة azzaman

تأمل سردي.. رواية قبل البيان

كامل عبدالرحيم

 

كتب (ألكسندر دوماس) روايته (الكونت دي مونت كريستو) عام 1844، أي قبل كتابة ماركس للبيان الشيوعي عام 1848، والمونت كريستو رواية سياسية أيضاً، وتتحدث عن الظلم الذي كرّس كارل ماركس حياته ومؤلفاته لمحاربته، لكن، ربما، ستظل ثيمة الكونت كريستو طويلاً حتى بعد انطفاء البيان الشيوعي من المشهد.

وكثير من الروايات والأفلام والمسلسلات أخذت فكرتها من انتقام الكونت كريستو من أعدائه بعد زمن طويل، وتحقيق العدالة بطريقة ملتوية ومستحيلة، حالها حال قصة (سندريلا) والتي تدور بطريقة أخرى حول إحقاق الحق وإنصاف المظلوم بعد يأس وجهد ومجموعة صدف.

ويظهر الشأن السياسي في الكونت كريستو أولاً في توقيت نشرها، حيث عودة الملكية (آل بوربون) بعد الثورة الفرنسية التي أسقطت هذه الملكية، كما أنها تترافق مع عودة نابليون بونابرت من منفاه الأول في جزيرة (ألبا). ومن هنا تأتي المكيدة على البطل (دونتيس) الذي سيتحوّل أو يتقمص شخصية الكونت دي مونت كريستو، والذي حلّ محل القبطان المتوفى فيقود السفينة بنجاح يثير غيظ وحسد ثلاثة من (أصدقائه)، فيتآمرون عليه بالادعاء بأن دونتيس يحمل رسالة من نابليون لأنصاره، تلك التهمة التي عقوبتها الموت أو النفي والسجن مدى الحياة في جزيرة نائية، الهروب منها مستحيل.

وتدور الرواية أيضاً حول فكرة (الاغتراب البحري)، وهي التي كُرّس عملان تأريخيان حولها كامل بنائهما، وهما (السندباد البحري) و(روبينسن كروزو).

وانتبه مدني صالح لرمزية روبينسن كروزو في كتيب عنوانه كما أتذكر (ما بعد الطوفان)، وفيه إشهار لتبنيه لماركسيته الخاصة، حيث الاستعمار وروحه الماركنتيلية، والتي ستتحول إلى إمبريالية تبني سرديتها على قوة تحمّل وروح الابتكار والمغامرة (المستعمر) بكسر الميم، مع غياب أو خمول وكسل وتخلف وغباء المستعمر بفتح الميم.

وكنت أظن أن مروية الكونت كريستو فرنسية أو مسيحية غربية بحتة، حتى بدا أنها منحولة أو مأخوذة من نص فرعوني قديم، وقصة عنوانها (الملاح التائه). ونفس الشيء ينطبق على السندريلا، فترجع أصولها للقصة الفرعونية (رادوبيس)، والتي أعاد كتابتها نجيب محفوظ عقد الأربعينات ضمن ثلاثية أخرى: (رادوبيس، وعبث الأقدار، وكفاح طيبة).

وما انتبهتُ عليه في قصة الكونت دي مونت كريستو هو القوة المادية التي لولاها لما تمكن السجين دونتيس من الانتقام، وهو ما يحصل بطريقة أخرى مع سندريلا. في المونت كريستو، يهب (الأب فاريا) لدونتيس تلك الثروة المادية المخبأة في جزيرة بعيدة، مثلما يمنحه الحرية مقابل موته. وفي السندريلا، الساحرة العجوز هي من تهب تلك (القوة المادية) والتي تساعدها باللحاق بحفل الأمير الشاب، وهو يبحث عنها وتبحث عنه.

وكتبتها قبل عام ولم أنشرها لاعتقادي بقصورها للدافع الوافي بقفلة مناسبة.

 وأجد في أحداث هذه الأيام دافعاً مناسباً، ولا بأس من نشرها وإخراجها من المحفظة.

 


مشاهدات 47
الكاتب كامل عبدالرحيم
أضيف 2025/07/12 - 1:39 PM
آخر تحديث 2025/07/13 - 1:47 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 483 الشهر 8032 الكلي 11161644
الوقت الآن
الأحد 2025/7/13 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير