الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أضرار المخدرات: دمار للفرد والمجتمع

بواسطة azzaman

أضرار المخدرات: دمار للفرد والمجتمع

عبدالستار الراشدي

 

المخدرات ليست مجرد مواد كيميائية تؤثر في الجسد، بل هي طوفان صامت يتسلل إلى النفس، فيقوّض أسس العقل، ويقلب ميزان الأسرة، ويفسد نسيج المجتمعات. لقد باتت هذه الآفة من أخطر التحديات التي تواجه العالم المعاصر، فهي لا تفرّق بين غني وفقير، متعلّم أو جاهل، صغير أو كبير.

أولاً: الأضرار الصحية

أولى ضحايا المخدرات هو الجسد، فكل نوع منها يُضعف أحد أجهزة الإنسان الحيوية:

• الجهاز العصبي: تؤدي المواد المخدّرة إلى اضطرابات عصبية مزمنة، وفقدان في التوازن العقلي والإدراكي، مما يسبب الهلوسة، والتشنجات، وضعف الذاكرة.

• القلب: تتسبب بعض أنواع المخدرات بزيادة غير طبيعية في نبضات القلب، ما يرفع من احتمالية الإصابة بالجلطات أو توقف القلب المفاجئ.

• الكبد والكلى: ترهق هذه المواد الأعضاء التي تنقّي الجسم، فتتلف الكبد، وتؤدي إلى فشل كلوي بمرور الوقت.

• جهاز المناعة: مع تعاطي المخدر، يصبح الجسم فريسة سهلة للأمراض المعدية مثل التهاب الكبد الوبائي والإيدز، خصوصاً عند استخدام الحقن الملوثة.

ثانياً: الأضرار النفسية والسلوكية

لا تنتهي أضرار المخدرات عند حدود الجسد، بل تمتد إلى عالم النفس والسلوك:

• الاكتئاب والقلق: ينهار التوازن الكيميائي في الدماغ، مما يؤدي إلى مشاعر حادة بالحزن واللاجدوى.

• العنف والعدوانية: كثير من المتعاطين يتحولون تدريجياً إلى سلوك عدواني، سواء داخل الأسرة أو في المجتمع.

• العزلة والانطواء: يهرب المدمن من الواقع، فيفقد التواصل مع أصدقائه وأسرته، ويغرق في عالم منفصل مليء بالوهم.

ثالثاً: الأضرار الاجتماعية

الأثر الأكثر وضوحاً للمخدرات يظهر في النسيج الاجتماعي:

• تفكك الأسرة: كثير من حالات الطلاق وإهمال الأبناء سببها تعاطي أحد الوالدين للمخدرات.

• الجريمة: تدفع الحاجة المستمرة لشراء المخدرات بالمدمن إلى السرقة، والاحتيال، بل أحياناً إلى القتل.

• البطالة والفقر: مع إدمان المخدر، يفقد الإنسان قدرته على العمل والإنتاج، ويتحول من عنصر نافع إلى عبء اقتصادي.

رابعاً: الأضرار الاقتصادية

المخدرات تُكلّف الدول مليارات الدولارات في مجالات العلاج، ومكافحة الجريمة، والرعاية الاجتماعية:

• انخفاض الإنتاجية: تتضرر المؤسسات نتيجة غياب الموظفين المتعاطين، أو تراجع أدائهم.

• ارتفاع النفقات الطبية: تكاليف علاج الإدمان وأمراضه المرتبطة تثقل كاهل الأنظمة الصحية.

• إهدار موارد الدولة: يتطلب التصدي لظاهرة المخدرات ميزانيات ضخمة لأجهزة الأمن والرقابة والعلاج.

خامساً: أضرار روحية وقيمية

من أخطر آثار الإدمان أنه يُفقد الإنسان صلته بذاته وبقيمه العليا:

• فقدان الوازع الأخلاقي: مع الإدمان، تتلاشى الحدود بين الحلال والحرام، ويُبرّر المدمن أفعاله مهما كانت دنيئة.

• التبلد الروحي: تغيب مشاعر التوبة والندم، ويغرق المتعاطي في دائرة من الإنكار واللامبالاة.

الخاتمة: نحو الوعي والمواجهة

ليست مواجهة المخدرات مسؤولية فرد أو جهة بعينها، بل هي قضية مجتمع بأسره. تبدأ الوقاية بالتوعية في المدارس، وتنمو بالمصارحة داخل الأسرة، وتترسخ بالتحصين الثقافي والديني. فكل كلمة صادقة، وكل نظرة حانية، وكل يد تُمدّ للعون، قد تكون الفاصل بين حياة تُستعاد، أو نفس تُفقد في دروب الظلام.

 


مشاهدات 81
الكاتب عبدالستار الراشدي
أضيف 2025/07/01 - 2:37 PM
آخر تحديث 2025/07/02 - 7:43 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 200 الشهر 821 الكلي 11154433
الوقت الآن
الأربعاء 2025/7/2 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير