الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
العراقيون أبناء سفارات

بواسطة azzaman

العراقيون أبناء سفارات

رياض الحسيني

 

نشر سيادته – بزهو الفاتحين –على منصة "إكس"، اكثر من صوره له برفقة السفير الروسي وعدد من رجال الكي جي بي المتقاعدين (أو النشطين سرًا... الله أعلم)، وهم يحيون ذكرى مرور 80 عامًا على انتصار الشيوعية على النازية. مرّ المشهد كنسيم ربيعي في مساء دولة منزوعة السيادة: لا اتهامات له بالخيانة، ولا وصف بـ"ابن السفارة الروسيه"، ولا حتى منشور عتاب من العراقيين "أبناء السفارات" السابقون منهم او اللاحقون!

الاستثناء الوحيد كان "تنفيسة" مهذبة كتبها ستيفن نبيل – المواطن غير المحظوظ الذي لا يحضر احتفالات السفارات ولا يقطع كيكات الانتصارات – أبدى فيها استغرابه، بلطف خادش، من هذا الحدث الجلل كخدش هذا المقال.

أنا كمواطن عراقي عربي، تتقلب هويتي السياسية كما تتقلب أسعار صرف الدولار او اسعار الذمم، الامر سيان، شعرت بنوع من الحنين الثوري فقد بدأت شيوعيًا، ثم صرت بعثيًا، ثم انتهيت إسلاميًا، لأجد نفسي اليوم بلا بوصله اردد في "الزويه" كببغاء تائه "وجدتها وجدتها": انا روسي!

بيد اننا لا نستطيع، بكل هذا الحنين، أن نغض الطرف عن دلالات الصورة فحضور القيادي السابق، والبرلماني السابق، والرئيس السابق– والذي لا يزال حاليًا كل شيء إلا المسؤولية – لا يمكن أن يكون بريئًا خصوصًا حين يتزامن مع تصريحات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بزهو يليق به معلنًا نصرًا عظيمًا في أوكرانيا، وهو نصر على الغرب طبعًا، لا أوكرانيا فقط.

الكيكة التي قُطعت في بغداد، وكتب عليها بالعربية عبارة "النصر العظيم"، لم تكن مجرد حلوى تذكاريه بل كان في طياتها رسائل سياسية، وتهنئة بطعم البارود، ورسالة من الشرق إلى الغرب مفادها (نحن هنا)!

المفارقة الساخرة – والمأساوية أيضًا – أن معاليه، الذي وضع بصمته "الجهاديه" على كيكة النصر الروسي العظيم متجاوزا بذلك على مرجع تقليده في فتواه المشهورة " الشيوعيه كفر والحاد"، قد سبق ووقّع سيادته ضمنيًا على استباحة دماء 800 عراقي قُتلوا، وثلاثين ألفًا جُرحوا، فقط لأنهم تجرؤوا على المطالبة بوظيفة وماء صالح للشرب. في نظر سيادته، كان جميع هؤلاء "أبناء سفارات"، رغم أنهم لم يكونوا مدعوين إلى احتفالية كفر والحاد، ولامتطفلين على انتصار الشرق، ولا شامتين بانكسار الغرب!

في النهاية، يبدو أن "الخيانة" – كالوطنية – لم تعد مقياسًا لما تفعله، بل لمن أنت، ومع من تتصور، وعلى أي كيكة تكتب أمنياتك المعتّقة بطعم الفودكا!

حكمة بالغه: قال رسول الله (ص) (لم يبق من أمثال الأنبياء عليهم السلام  إلا قول الناس: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت)!

 


مشاهدات 25
الكاتب رياض الحسيني
أضيف 2025/05/14 - 4:26 PM
آخر تحديث 2025/05/15 - 3:00 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 315 الشهر 18200 الكلي 11012204
الوقت الآن
الخميس 2025/5/15 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير