الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
إيران و النفوذ العميق في العراق و المنطقة حرب تتجاوز النووي و ولاء يتجاوز الجغرافيا

بواسطة azzaman

إيران و النفوذ العميق في العراق و المنطقة حرب تتجاوز النووي و ولاء يتجاوز الجغرافيا

جعفر محي الدين

 

منذ أكتوبر 2023 بدأ واضحاً أن إيران بدأت تخسر الكثير من أوراق نفوذها الإقليمي في عدة مناطق كسوريا و لبنان و اليمن ، بفعل التحولات السياسية و الضغوط الدولية و تغير الموازين ،  لكن الإستثناء الصارخ لهذه القاعدة كان العراق ، الذي بقيَ يشكّل العمق الإستراتيجي و السياسي و الثقافي ، الأكثر رسوخاً لنفوذ الجمهورية الإسلامية .

في خضمّ الحرب الأخيرة بين إيران و إسرائيل أنكشفت صورة هذا النفوذ بوضوح بالغ ،  تظاهرات خرجت في بغداد و محافظات الوسط و الجنوب ، لا لمناصرة دولة عربية أو قضية محلية ، بل لإعلان الطاعة و الولاء للمرشد الأعلى السيد علي خامنئي ، و رفع شعارات مثل كلنا فداء للولي الفقيه و {لا يمچن الفراق} ، و هي عبارات لم تعد مجرد رمزية بل تعبير عن علاقة مصيرية تربط فئات شعبية عراقية بإيران ، دينية و ثقافية و عقائدية .

هذا التفاعل الشعبي مع الحرب ، التي كانت محدودة جغرافياً لكنها عميقة إستراتيجياً أظهر أن إيران لا تخوض حرباً نووية كما يُروّج لها ، بل صراع وجود و هُوية و سيادة في وجه تمدد المشروع الإسرائيلي و الغربي في عمق الشرق الأوسط .

إيران اليوم ليست وحدها هي قلب مشروعٍ لا يعرف الخضوع ، و روح أمة ما زالت تصرخ في وجه الطغيان (كلا) ،

هي الدولة التي أختارت أن لا تساوم ، أن لا تمدّ يدها للمحتل أن تكون جسراً للكرامة و لو على جمر الحصار .

من بين الركام من قُم و مشهد من كرمان و طهران ، خرجت صواريخ لا تعبأ بالتوازنات بل تصنعها .

نقف معها لأننا نؤمن أن الكرامة لا تُستورد ، بل تُصنع بدماء و بصوت و بعقيدة و بشعوب أختارت أن تقف حيث يجب أن تقف .

نقف معها لأننا تعبنا من عواصم لا تجيد سوى الصمت و من مؤتمرات لا تحرّر حجراً ، بينما إيران ترسل الرسائل باللهب و الصوت و الردع .

نقف معها لأن إسرائيل لا تفهم إلا لغة المواجهة ،  و إيران كتبت هذه اللغة بلغة النار و العزيمة لا بلغة التوسّل .

كما نود أن نوضح أكثر الحرب ليست على النووي ... بل على منع إسرائيل من التمدد .

منذ سنوات أختزل الغرب الصراع مع إيران في البرنامج النووي ، و كأنّ إيران مجرّد منشآت تحت الأرض و أجهزة طرد مركزي ، لكن الحقيقة أوسع و أعمق ،  فإيران منذ ما بعد 2003 بنت محوراً إستراتيجياً يمتد من طهران إلى بغداد ، مروراً بدمشق و بيروت و غزة و أسست نفوذاً ليس عبر السلاح فقط بل عبر الثقافة و الهوية و الولاء .

في حربها الأخيرة بعثت إيران برسائل غير مسبوقة لإسرائيل أنَّ الحصانة الجوية أنتهت و أنّ الرد لن يكون محصوراً في غزة أو لبنان فقط ، بل الأهم أن الردّ جاء عبر أراضٍ ذات سيادة و شعوب ليست فارسية ، بل عربية منها العراق و سوريا و اليمن و حتى البحرين و لبنان ،  و كلها حملت صوتاً واحداً ، نحن مع إيران في هذه المواجهة الوجودية .

كما أن العراق لم يعد مجرد جار لإيران ، بل إمتدادها الطبيعي في الأمن و الإقتصاد و الهوية السياسية من المؤسسات إلى الإعلام ، و من الأحزاب إلى الفصائل ، و من الشعائر الدينية إلى التشكيلات الشعبية ، أصبح العمق العراقي بمثابة رئة تتنفس منها إيران في أحلك الظروف .

و ما بين (العتبات المقدسة) و الولاء للمرجعية ، و بين المشاريع الإقتصادية المشتركة ، و المواقف السياسية المتناغمة يظهر أن العراق بالنسبة لإيران ليس ساحة بل بيتاً مفتوحاً ..!!

و في مفارقة لافتة برز في هذه الحرب حضور عربي شعبي مؤيد لإيران من مصر و تونس و المغرب إلى البحرين و الكويت و اليمن و لبنان ،  أصوات عربية رفعت شعارات إيرانية ، لا حباً بإيران وحدها بل كرهاً بإسرائيل و خيبة من الأنظمة العربية الرسمية.

هذا التحول يكشف أن النفوذ الإيراني ليس بالضرورة مذهبي أو فارسي ، بل بات يعكس تياراً (تحريرياً) في الوعي العربي يرى في إيران قوة ممانعة في وجه مشروع الهيمنة الإسرائيلية و الغربية .

و نستخلص في ماتقدم .. ما يجري اليوم ليس صراعاً على [يورانيوم مخصّب] بل على عقول و قلوب و شعوب ، و إيران رغم ما خسرته في بعض الساحات ما زالت تحكم قبضتها على العمق العراقي  بكلمة لا (يمچن الفراق) ..!!

حاولنا في هذا المقال تسليط الضوء على الكثير من الحقائق الجدلية التي يجهلها البعض ، و تجاهلها البعض الآخر  و لايزال هناك الكثير أيضاً من الحقائق التي تسكن الغرف المضلمة ، سنحاول في المقالات التاليه تسليط الضوء عليها .


مشاهدات 80
الكاتب جعفر محي الدين
أضيف 2025/07/05 - 2:10 AM
آخر تحديث 2025/07/05 - 7:33 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 178 الشهر 2441 الكلي 11156053
الوقت الآن
السبت 2025/7/5 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير