بين الفكرة والواقع.. غموض مشوّش في (باب رقم 7)

بغداد - حمدي العطار

في ظل الحراك المتنامي للسينما العراقية ومحاولاتها الجريئة لاقتحام عوالم جديدة من السرد البصري، يطلّ علينا فيلم «باب رقم 7» كمحاولة طموحة لدمج الغموض بالتاريخ والأسطورة في قالب سينمائي درامي. ورغم أن العمل يحمل في طيّاته بذور فكرة مثيرة، إلا أن تنفيذها جاء مرتبكًا بعض الشيء، ما جعله يراوح بين الطموح والعثرات الفنية.

يقدّم فيلم «باب رقم 7» نفسه كواحد من أبرز الإنتاجات السينمائية العراقية لهذا الموسم، حيث يسعى لشد انتباه الجمهور عبر حبكة تجمع بين التشويق والغموض. تدور أحداث الفيلم داخل بناية مهجورة في قلب العاصمة بغداد، حيث يلتقي «علاء» – الشخصية الرئيسية – بباحثة غامضة(نصفها عراقي والنصف الأخر كندي!) تهيم بالبحث في الأسرار المندثرة من أعماق التاريخ الرافديني. وسرعان ما ينخرطان معًا في مغامرة غير متوقعة، تكشف عن عالم غامض مدفون تحت أرض ما بين النهرين، تتداخل فيه الأساطير مع الواقع المعاصر.

يضم الفيلم نخبة من الفنانين العراقيين، من بينهم سيف الشريف، رويدة شاهين، عواطف نعيم، غصون حيدر، وعلي الكرخي، مع ظهور مميز للفنان القدير عزيز خيون. وقد أخرجه المخرج العراقي الكندي «أنس منفي»، في محاولة لتقديم عمل يحمل نكهة محلية بنَفَس عالمي.

لكن ورغم قوة العناصر التمثيلية والإخراج الطموح، فإن الفيلم يعاني من عدة ثغرات فنية. فالفكرة، وإن بدت مثيرة، لم تنضج بالكامل على الشاشة، إذ بدت بعض تفاصيلها مقتبسة من أعمال أجنبية دون معالجة تتناسب مع البيئة والسياق العراقي. كما أن الإيقاع جاء بطيئًا إلى حد الملل، وهو ما أثّر على تفاعل المشاهد مع تطور الأحداث.

أما الشخصيات، فعلى الرغم من تفاوت أدائها، بدت العلاقات بينها غير مقنعة، وكأن اللقاءات جاءت بصدف غير مبررة، تبعتها تصرفات تنقصها الواقعية، حيث سادت مشاهد الحميمية المصطنعة دون تمهيد منطقي أو خلفية درامية واضحة.

*»باب رقم 7» تجربة تستحق التقدير لما تحمله من نية واضحة لابتكار محتوى سينمائي مختلف في الساحة العراقية، إلا أن التنفيذ كان بحاجة إلى مزيد من النضج والتأنّي في بناء الحبكة وتطوير الشخصيات. ورغم الإخفاقات الفنية، يبقى الفيلم مؤشرًا على حراك سينمائي يطمح لتجاوز القوالب التقليدية، مما يبشر بولادة تيار جديد في السينما العراقية المعاصرة، إن أُحسن توجيهه.