الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الإقتصاد بين أنياب الإنهيار وسخرية السياسات

بواسطة azzaman

الإقتصاد بين أنياب الإنهيار وسخرية السياسات

وليد الحيالي

 

مقدمة

الاقتصاد العراقي لم يعد يقف على شفا هاوية فحسب، بل بات على شفا عفريتٍ يتغذى على الفوضى وسوء الإدارة، ويرقص على أنقاض دولة أنهكها الصراع، وضاعت هويتها بين المحاصصة والارتهان. ما يحدث اليوم ليس مجرد أزمة مالية، بل انهيار بطيء لمشروع دولة.

أولاً: خلفيات الأزمة الاقتصادية

منذ عام 2003، والعراق يعيش في ظل اقتصاد ريعي مشوّه، يعتمد بنسبة تتجاوز 90 بالمئة على صادرات النفط، في حين تُهمل باقي القطاعات الإنتاجية: الصناعة، الزراعة، السياحة، والتكنولوجيا.

هذا التبعية جعلت الاقتصاد العراقي هشًا، يرتعش أمام أي تقلب في أسعار النفط، ويفتقر إلى أبسط أدوات المناعة الاقتصادية.

عفريت اقتصادي

كل الحكومات المتعاقبة تحدثت عن “الإصلاح”، لكن الواقع يقول إن العفريت الاقتصادي خرج من القمقم منذ زمن، ولم يعد أحد قادرًا على إعادته.

ثانيًا: السياسات الخاطئة منذ 2003

السياسات الاقتصادية بعد 2003 لم تكن ناتجة عن رؤية وطنية شاملة، بل كانت خليطًا من وصفات صندوق النقد الدولي، وإملاءات المانحين، وقرارات ارتجالية تحت ضغط الشارع.

تم تضخيم القطاع العام بشكل غير مدروس، فصار التوظيف وسيلة للترضية السياسية.

تآكلت الاستثمارات في البنية التحتية والتعليم والصحة.

لم تُفعل الضرائب الحقيقية، وبقيت الدولة رهينة موارد النفط.

والنتيجة: اقتصاد مترهل، لا يُنتج، ولا يُصدّر، ولا يوفّر فرص عمل، بل يستورد كل شيء، حتى الحبر والأقلام.

ثالثًا: الفساد والبيروقراطية.. عفاريت الداخل

إن كان الفساد في بلدان أخرى “مشكلة”، ففي العراق أصبح نظامًا موازيًا، بل وأحيانًا بديلاً للدولة نفسها.

تذهب الموازنات إلى جيوب الحيتان، وتُنفّذ المشاريع الورقية، وتُعقَد الصفقات في الغرف المغلقة، بينما المواطن ينتظر الكهرباء والماء وفرصة العيش.

أما البيروقراطية، فهي عفريت آخر، يقف حاجزًا أمام أي مستثمر جاد، وأمام أي مشروع إصلاحي.

مؤسسات الدولة أصبحت “أقفاصًا حديدية”، لا تتحرك إلا بتوقيع مسؤول، وهذا المسؤول إمّا خائف، أو متواطئ.

رابعًا: ما الحل؟ هل يمكن طرد العفريت؟

خطة وطنية

نعم، لكن ليس بالشعارات ولا بتبديل الوجوه. الحل يبدأ من:

1.تحرير الاقتصاد من الريع النفطي وتفعيل القطاعات الإنتاجية.

2.تطهير المؤسسات من الفساد وإطلاق يد القضاء المستقل.

3.تبني خطة اقتصادية وطنية تشترك في وضعها العقول العراقية داخل وخارج الوطن.

4.إعادة الثقة بين المواطن والدولة من خلال الشفافية والمساءلة الحقيقية.

5.إعطاء الشباب دورًا قياديًا، فهم الثروة الحقيقية، وليس براميل النفط.

 

خاتمة

العراق لا يحتاج إلى مُنقذ خارق، بل إلى إرادة سياسية حقيقية، وشعب يعرف أن العفريت لا يُحبس إلا حين يوقن الجميع أن الخلاص لا يأتي من الخارج، بل من الداخل.

وحتى يتحقق ذلك، سنبقى نسير على شفا العفريت… نرقص بين الانهيار، والأمل.

 


مشاهدات 70
الكاتب وليد الحيالي
أضيف 2025/04/27 - 4:06 PM
آخر تحديث 2025/04/28 - 12:37 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 558 الشهر 30429 الكلي 10911076
الوقت الآن
الإثنين 2025/4/28 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير