رحلة النضوج والتحدي
وفاء الفتلاوي
أحيانًا نشعر وكأننا محاصرون داخل فقاعة كبيرة، نعيش داخلها بينما كل شيء من حولنا يبدو بعيدًا عن متناول يدنا. إذا حاولنا الخروج منها، نشعر وكأننا نختنق، كأن الهواء حولنا يصبح ثقيلًا وصعب التنفس. وإذا بقينا داخلها، يصبح المستقبل ضبابيًا والمصير مجهولًا، وكأننا عالقين في فوضى لا نهاية لها. في كل لحظة، نحاول بشتى الطرق أن نحقق شيئًا، أن نتجاوز الحواجز التي تُعيقنا، لكن كلما اقتربنا من هدفنا، تظهر أمامنا عقبات جديدة وكأنها جدران ترفعها أيدٍ خفية. هناك دائمًا شيء ما في الخارج يمنعنا من التقدم كما نرغب. كل حلم نسعى لتحقيقه يواجه تحديًا أكبر مما نتوقع، وكأننا نناضل ضد قوى غير مرئية تقف في طريقنا، سواء كانت الظروف أو الأفكار المقيّدة التي تسكن في داخلنا. وفي بعض الأحيان، يصبح هذا الشعور وكأننا نركض في دائرة مفررغة، نبذل جهدًا كبيرًا ولكننا لا نقترب أبدًا من خط النهاية. كل خطوة نخطوها تستهلك منا جزءًا من الأمل، وتجعلنا نعتقد أن الطريق أمامنا طويل جدًا وأننا لن نصل أبدًا إلى ما نتمناه. وبالرغم من ذلك، في قلب كل هذا الارتباك، هناك شعور عميق بعدم الاستسلام، صوت خفي ينبعث من داخلنا يذكرنا أن الفقاعة لن تدوم إلى الأبد. فقط إذا استطعنا أن نتمسك بالأمل ونتحدى كل الصعاب، ستنكسر الفقاعة يومًا ما، وسنتنفس أخيرًا بحرية. وقد تكون هذه اللحظة هي التي نكتشف فيها أن كل ما مررنا به من صعوبات كان مجرد خطوة على طريق أكبر من أحلامنا. الحكمة التي يمكن استخلاصها من هذا الكلام هي أن العيش في ظروف صعبة أو مواجهة التحديات لا يعني نهاية الطريق، بل هو جزء من رحلة مستمرة نحو تحقيق الأهداف والطموحات. الفقاعة تمثل القيود التي تضعها الظروف، أو حتى أفكارنا ومخاوفنا، والتي قد تشعرنا أحيانًا بالعجز أو ضياع الاتجاه. ولكن، رغم كل الحواجز والصعوبات، يجب أن نتذكر أن الصبر والمثابرة هما المفتاح. ما نراه كعقبات قد يكون في الحقيقة فرصًا للنمو والتعلم. الاستمرار في السعي وعدم الاستسلام في مواجهة التحديات هو ما يجعلنا في النهاية نتجاوز هذه «الفقاعة» ونحقق ما نطمح إليه. الهدف ليس الوصول السريع، بل التعلم والنضج خلال الرحلة. من خلال الثقة في النفس والتحدي المستمر، نكتشف أن هذه اللحظات من الإحباط أو القيد هي مجرد مرحلة مؤقتة، وأن الفجر لا يأتي إلا بعد الظلام.