زيارة القبور أم عبادتها ؟
محسن القزويني
لا يشك احد في فضيلة زيارة القبور .فقد اتفق العلماء جميعا على ما رُوي عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم( زوروا القبور فانها تذكّركم بالاخرة) وكان هو صلى الله عليه واله وسلم يزور القبور ويسلِّم على الموتى قائلا:( السلام عليكم اهل الديار من المؤمنين والمسلمين وانّا ان شاء الله بكم لاحقون اسال الله لنا ولكم العافية) وكان يترحم على المدفونين في بقيع الغرقد قائلا:( يرحم الله المستقدمين منا والمستاخرين اللهم اغفر لاهل بقيع الغرقد) هذا ما ورد في الصفحة الالكترونية للعلامة ابن باز وهذا ما جرى عليه المسلمون من صدر الاسلام الى اليوم فكانوا يزورون المقابر وبالاخص مقابر العظماء والشخصيات الاسلامية كقبر النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم والائمة الاطهار عليهم السلام وكانوا يقيمون الاضرحة والمساجد بمحاذاه قبورهم. والقضية لا تتعلق بالمسلمين وحسب بل هي عادة متاصلة في المجتمعات البشرية التي جُبلت على تكريم الشخصيات بعد موتهم وتجليل قبورهم باقامة الابنية للدلالة على عظمة هذه الشخصيات .
مراقد شريفة
وهناك راي لبعض العلماء في تحريم زيارة القبور قائلين: بان زيارة القبور هي نوع من انواع الشرك بالله سبحانه وتعالى بينما لا تتضمن هذه الزيارة اي علائم للتعبد والاشراك بالله سبحانه وتعالى بل على عكس ذلك تحّولت هذه المراقد الشريفة الى اماكن للعبادة والاتصال بالله سبحانه وتعالى، وهذا ما نشاهده في المسجد النبوي الشريف حيث اصبح هدفا للعُّباد والزُّهاد و الاعتكاف والضراعة والتوجه الى الله سبحانه وتعالى وكذلك بقية المراقد الشريفة حيث يأمها الملايين من المسلمين ففي زياره الاربعين يجتمع اكثر من 10 ملايين من الزائرين عند مرقد الامام الحسين عليه السلام مستلهمين من سيد الشهداء العزيمة والقوة وهكذا تحّولت هذه المراقد الى مكان للعبادة والتربية الصالحة واخذ العبر والدروس من حياة هؤلاء العظماء ،فما احوج مجتمعاتنا الاسلامية اليوم الى القدوات الصالحة التي تتجسد في ائمة الاسلام وعلمائهم وصلحائهم وان يكونوا امثولة لشباب اليوم، أليس من الافضل ان يقتدي ابناء المجتمع بالاخص شريحة الشباب بهؤلاء العظام بدلا من الاقتداء بالمغنيين و الراقصين والفاسدين في المجتمع ، من هنا نرى من الضروري ان تعيد المملكة العربية السعودية النظر في هذه القضية من الجانب الديني والحضاري طالما ليس هناك من يعارض زيارة القبور من العلماء بما فيهم الامام ابن باز وليس في هذه الزيارات ما يحمل معاني الشرك والعبودية لغير الله سبحانه وتعالى ، وكما لا يخفى على احد ما تشهده المملكة من اصلاحات هذه الايام والتوجه نحو ابراز الجانب الحضاري للمملكة، وعلى هذا النسق تندرج اعادة بناء البقيع ففيه رفات كبار صحابة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ونسائه ، ولتحقيق ذلك نقترح باقامة مؤتمر اسلامي يضم كبار العلماء والمفكرين الاسلاميين تحت اشراف المملكة العربية السعودية لمناقشة هذا الموضوع وتشكيل لجنة علمائية ولجنة من المهندسين المعماريين لتنفيذ توصيات المؤتمر في حالة انعقاده وليكن هذا المشروع ضمن خطة المملكة الرائده في 2030.