الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الصميم الحقوقي الإنساني وتحديات عودة اللاجئين

بواسطة azzaman

الصميم الحقوقي الإنساني وتحديات عودة اللاجئين

باسكال وردا

 

غالبًا ما يُعاد المهاجرون غير الشرعيين- اي الذين اجتازوا حدود بلد غير بلدهم وايضا الذين لم يحصلوا على اقامات دائمة- يعادوا إلى أوطانهم في إطار سياسات حكومية. وفي العديد من الدول يتم تنفيذ إجراءات العودة من قبل السلطات المختصة بالهجرة من جانب والسلطات المختصة بفرض القانون(الشرطة) من الجانب الآخر. لكن أيا كان شكل العودة، من المفروض ان لا تحدث دون التحضير لها مسبقا، بهدف تقديم المساعدة النفسية والمالية والسكن، ضمن إطار آليات التعاون الدولي المتبادل بين الدولتين المعنيتين.

وبغض النظر عن العشرات المعاني التي تنتج عن جذور العودة  «عاد» أو رجع عادَ وبالرغم من الاستخدامات المختلفة لها، الا انها كلمة عاد، عائد، تشير الى من عاد او العائد أو العائدين بالجمع من مكان ما، هاجر (رحل) اليه، عائدا الى المكان الذي كان فيه من ذي قبل او رحل منه .

علينا ان نصنف الهجرة حسب الأوضاع:

1-المهاجرون الاشخاص الذين يهاجرون الى بلد غير بلدهم بهدف تطوير قدراتهم الاقتصادية والعلمية او بكل بساطة رغبة منهم العيش في بلد آخر.

2- المرحلون داخليا (IDPs) وهم من بسبب انعدام الاستقرار او التعرض لأخطار في مناطق سكناهم، يرحلون سواء قسرا او طوعيا أو عشوائيا يرحلون الى أماكن أخرى في نفس البلد.

3- اللاجئون: هم الأشخاص الذين بسبب عدم قدرتهم على التواصل في مواجهة الخوف والخطر على حياتهم وحياة اسرهم، وانعدام الامن لحياتهم سواء كان ذلك قد تسببه سلطات بلدهم ام مجموعات بشرية متنفذة أخرى

مبدئيا لا ضير من العودة الى المكان الذي تُرك لفترة او لفترات زمنية معينة، ثم تم العودة اليه مرة أخرى. بل الجانب الإيجابي يفوق على الجانب السلبي من نقل ثقافات مختلفة بخلق جسور بشرية بين مختلف البلدان والاعراق ومستويات اقتصادية تضيف على اقتصاد البلد الخ.

عودة قسرية

مع ذلك من خلال (104) لقاء شخصيا قمت بتحقيقها مع العائدين العراقيين من أوربا، ، اتضح لي ان هناك فرقاً شاسعاً بين الوضع لدى المغادرة والوضع لدى العودة للفرد ذاته أيا كانت حالة العودة قسرية أم طوعية. يصطدم العائد العراقي بالكثير من المعوقات التي يرفضها العائد الى وطنه نظرا للوضع المستضعف الذي أصابه جراء قراره العودة الطوعية او القسرية (بالطرد) أي لم يواجه بالكثير من الرفض فحسب، بل وأيضا لان بعد عودته يصاب بخيبة أمل تؤدي به في بعض الحالات الى فقدان الصواب ورمي ذاته في الشوارع ليتخذ من الرصف مسكنا له ويكرر السب والدعوات السلبية ضد السلطات. هذا التصرف هو الامكانية الوحيدة لدى هؤلاء ليشتكي من خلالها لما يعيش من أوضاع يعتبر نفسه ضحية قد اجبر عليها بعد اكثر من خمسة عشر او عشرين سنة من التغرب حيث كان «مندمجا» في مجتمع آخر، وتبنى ثقافات جديدة يعتبر نفسه عائشا مرتاحا دون أي مس بحقه» الفردي: « الله لا ينطيكم والله يخرب بيتكم شسويتم بي؟ يا حكومة انتو»! «كنت مرتاحا في ذلك البلد وكان لي سكنا ارتاح فيه وكان لي راتبا أعيش منه بكرامة وكان لي سيارة تحركني وها أنتم رجعتموني لتدمروا حياتي على الرصيف ، وليس لي اهل ولا أقرباء لي هنا ولم اعد اعلم  اين اذهب لماذا رجعتموني؟ لم يتم مساعدتي بشيء منذ عودتي ،زمن يعوض لي حقوقي المهدورة في كل الخسارة المادية الناتجة عن هجرتي وعودتي؟» بهذا الأسلوب عبّر لي عائدين ، مستخدمين هذه التعابير التي تعكس حجم الأذى النفسي والجسدي وانعدام الفرص الذي يواجه العائدين!

 المفروض وطنياً تخصيص لكل عائلة او شخص عاد من أي بلد كان، مساعدات عينية ومالية وطبية بالإضافة الى قطعة ارض من خلالها يتمكن العائد في الشعور باحتضان من قبل وطنه لكي يتمكن من تطوير نفسه. الى متى نبقى في وضع اشبه بوضع الحروب؟ لمن كل الأراضي العراقية الشاسعة تبقى بهيئة براري ولا توزع للمواطنين وخاصة للفئات الهشة كالعائدين وغيرهم أيا كان صنف عودتهم.؟  .

 مرة أخرى يجب ان يكون هناك إدارة لعودة كريمة بشكل جدي وقرارات مجدية يصدرها مجلس الوزراء حيث كل وزارة تشارك في الجزء الذي يخصها من المسؤولية والابواب كثيرة: بمجرد مناقلة الميزانيات بين الوزارات التي لم تصرف خلال موسم الميزانية.     

المطلوب من الدول وفق التزاماتها الدولية، ودولة العراق إحدى تلك الدول هو: دعم ارادة عودة رعاياهم الى وطنهم. وان يباشروا قبل وصولهم او تراجعهم عن البقاء خارج بلدهم، برسم سياسات ووضع خطط وآليات ترمي إِلَى: «تهيئة الْأَحْوالُ الْمُلاَئِمَةُ للِعَوْدة الطَّوْعِيَّةِ واندماجهم التَّامَّ فِي ظُروفِ تُتِيحُ لِلْعَائِدِينَ السَّلاَمَةَ وَالْكَرَامَةُ وَتُتِيحُ لِمُوَظَّفِي الْمُسَاعَدَةِ الْإِنْسانِيَّةِ إِمْكانِيَّةُ الْوُصُولِ الْمَأْمُونِ وَغَيْرَ الْمُعَاقَ لِلْمُسَاعَدَةِ فِي الْعَوْدَةِ وَفِي عَمَلِيَّةِ إِعادَةِ الْإِدْمَاجِ» (الأمم المتحدة).

لكن للأسف الشديد على مستوى العراق يبدو ان الالتزامات الدولية كباقي المواضيع الخاصة بحقوق الانسان، ليست بين أولويات السلطات الحاكمة بالرغم من وضوح القانون الدولي الخاص بحقوق الانسان في النصوص الدولية الموجهة الى الدول بهدف إلهام النصوص الوطنية للعمل بموجب روحها الإنساني سواء كان في التشريعات او في اليات العمل كواجب وطني.  نستخلص بالقول ان العودة يجب ان يحضر لها من خلال تطوير سياسات جهود السلك الدبلوماسي لتحقيق تعاونا دوليا ماديا ونفسيا يتعلق بأوضاع العائدين ضمن سياسات إنسانية بناءاً للبلد وتفيد جبر الضرر لدى العائد، وتخدم البلدان المعنية في تواصل الجسور الإنسانية بين الشعوب بدلا من خلق حيطان بين البشر.


مشاهدات 31
الكاتب باسكال وردا
أضيف 2025/04/07 - 3:46 PM
آخر تحديث 2025/04/08 - 2:41 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 168 الشهر 6219 الكلي 10586866
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/4/8 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير