إجتماع عمّان.. تنسيق أمني في غياب الحل السياسي

محمد علي الحيدري

عقدت دول الجوار السوري اجتماعًا في العاصمة الأردنية عمّان، في خطوة تهدف إلى تنسيق الجهود الأمنية لمواجهة التهديدات العابرة للحدود، وعلى رأسها الإرهاب وتهريب المخدرات والسلاح. البيان الختامي ركّز على هذه القضايا، وتم الإعلان عن إنشاء “مركز عمليات مشترك” لتعزيز التعاون الاستخباراتي والميداني بين الدول المشاركة. لكن اللافت أن الاجتماع لم يقدّم أي رؤية واضحة لحل سياسي شامل للأزمة السورية، مما يعكس استمرار النهج القائم على “الإدارة الأمنية” للوضع، بدلًا من التوصل إلى تسوية سياسية تنهي الأزمة من جذورها.

من الواضح أن الأولويات الأمنية باتت القاسم المشترك بين هذه الدول، خاصة مع تصاعد تهديدات الجماعات المسلحة وتفاقم أزمة المخدرات التي باتت تشكّل تحديًا مشتركًا. غير أن نجاح هذا التعاون مرهون بمدى التزام الدول المعنية بتبادل المعلومات وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وهو أمر يصطدم أحيانًا بالخلافات السياسية القائمة بينها. فالعلاقات بين بعض هذه الدول لا تزال معقدة، وتفتقر إلى مستوى عالٍ من الثقة المتبادلة، ما قد يؤثر على فعالية التعاون الأمني المعلن عنه.

في المقابل، فإن غياب أي نقاش جاد حول المسار السياسي للأزمة السورية يُعيد التأكيد على أن الحل السياسي لا يزال مؤجلًا، أو على الأقل ليس على رأس أولويات الدول المجتمعة. فلم يتطرق البيان إلى مستقبل العملية السياسية، ولا إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه الدول في إعادة سوريا إلى محيطها العربي والدولي. وهذا التجاهل يثير تساؤلات حول مدى إمكانية تحقيق استقرار دائم من دون معالجة الجذور السياسية للأزمة.

على أرض الواقع، يواجه تنفيذ الاتفاقات الأمنية تحديات كبيرة، أبرزها تضارب المصالح الإقليمية، وغياب التنسيق مع قوى رئيسية أخرى مثل إيران وروسيا والولايات المتحدة، التي لها تأثير مباشر على مجريات الوضع في سوريا. وفي ظل هذه العوامل، قد يصبح اجتماع عمّان مجرد حلقة جديدة في سلسلة المبادرات التي لم تحقق نتائج ملموسة على المدى الطويل.

في النهاية، يبقى الاجتماع خطوة إيجابية من حيث تعزيز التنسيق الأمني، لكنه لن يكون كافيًا لإحداث تغيير جذري في الأزمة السورية ما لم يُستكمل بمسار سياسي واضح، يضع حدًا لحالة الجمود التي طال أمدها.