فاتح عبد السلام
حسناً فعلت الدول التي تجاهلت اليوم العالمي لإعلان حقوق الانسان، فربما كانت للمرة الأولى تتعامل بصدق ومن دون نفاق إزاء اظهار الموقف من قضية بالغة الأهمية.
دول عدة، ومعظمهما عربية وإسلامية، أسقطت فروضها في اعلان بيانات احتفالية لفظية جافة في الدفاع عن حقوق الانسان، وكأنها تقصد نوعا من البشر غير موجودين على أراضيها وفي سجونها وتحت ويلات العذاب عند جلاديها. بيانات رسمية مثيرة للشفقة تصدرها هذه الدول دفاعا عن الانسان المستباح أساساً على ترابها وفي قوانينها وعبر تصرفات حكوماتها.
بعض الحكومات وجدتها فرصتها السانحة في ما تقترفه إسرائيل من استباحة دموية شنيعة ضد المدنيين ومقومات الحياة البشرية في قطاع غزة ،لكي تكون الوسيلة المنجية لها من خلال تغيير بوصلة الاهتمام و تحميل اسرائيل وحدها الخروقات والانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية في يومها العالمي.
انه يوم حزين حقا، اذ بات الدفاع عن حقوق الانسان بشكل حقيقي تمردا على الإرادة الدولية او خرقاً للقوانين التي تسير عليها الدول او مجازفة عبثية ترجع بالويل والتدمير على أصحابها.
دول كثيرة حولنا اضطهدت الصحفيين والاعلام الحر، وصنعت بديلها عنهم في جيوش من اعلاميين موالين تابعين ذليلين يبوسون الحذاء والدولار معا، على الشاشات وفوق صفحات المواقع والصحف، ونرى تلك الدول تتباكى على حقوق الانسان وحريته في الحياة والرأي والكرامة، وكأنها فوق الشبهات وغير معنية بكل الادانات التي لها نصيب حتمي منها، لو كانت هناك عين مبصرة وإرادة دولية للحساب.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريتش يكاد ينعى الأمم المتحدة ومواثيقها في كلمته في منتدى الدوحة الذي يصادف مع اليوم العالمي لحقوق الانسان، حين ابدى اسفه لعجز مجلس الأمن المكلف بالسلام العالمي في إيقاف حرب ضحاياها بالمئات يومياً من الأطفال والنساء، وقال بتوكيد حزين انّ سمعة هذا المجلس تضررت.
المصالح الاقتصادية وصفقات بيع السلاح واستثمارات الطاقة وتوسيع أسواق الاستهلاك، تجعل حاملي شعار الدفاع عن حقوق الانسان والسلم الدولي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية متورطين في النفاق الكبير، ولعل بعضهم متورط في الجرائم ضد هذا الانسان الذي لم يكن من دون حقوق كما هو الآن في يومه العالمي الحزين.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية