فاتح عبدالسلام
قبل يوم السابع من أكتوبر 2023، وحدوث الصعقة الكبرى في دفاعات الجيش الإسرائيلي ونظريته الأمنية، ومن ثمّ اندلاع القصف الهمجي على البيوت السكنية في قطاع غزة، كان هناك عالم آخر تماماً يطفو على السطح، في الأقل، في النشرات الاخبارية اليومية وانشطة الزعامات العربية والدولية عبر الزيارات والتصريحات والمؤتمرات.
فجأة، تحوّلت الحرب بين روسيا وأوكرانيا الى خبر ثانوي، وفي بعض الأيام تلاشى ذكرها بالرغم من انّ العمليات العسكرية المتبادلة بقيت على أشدها بين البلدين.
وخفتت أخبار سد النهضة الاثيوبي الذي أثارت عملية الملء الرابعة لخزانه العملاق ردود أفعال في مصر وصلت الى التلويح بالخيار العسكري.
وتراجع الاهتمام بالاشتباكات بين أذربيجان وأرمينيا بالرغم من أنّ دولاً اقليمية كانت قد زادت من تدخلها في هذه القضية الساخنة في قلب آسيا.
وكانت الساحة الاقتصادية الدولية مشغولة بطريقين استراتيجيين جديدين مثيرين للجدل، هما طريق الهند- حيفا مروراً بالسعودية، وطريق التنمية الواصل بين تركيا ومحيطها والخليج العربي عبر الأراضي العراقية.
وكانت الاخبار متوهجة عما يدور في شمال شرق سوريا الذي اشتعل بعمليات عسكرية وانتشار امريكي جديد وظهور بوادر ضربات إقليمية في مقابل اشتعال جبهة التهديد والتلويح بين إيران والتنظيمات الكردية الموجودة في الداخل العراقي.
امّا العنوان السوداني فقد كان مهيمناً على الاعلام العربي والافريقي يومياً، ومنذ اندلاع الحرب الداخلية بين الجيش والمليشيات، وكان جهد الزعامات العربية والافريقية مُنصباً على إطفاء تلك الحرب التي تبدو من دون نهاية بسبب التدخلات الخارجية السرية فيها.
وكان الفتق الجديد بين العراق والكويت بعد قرار المحكمة الاتحادية في بغداد بشأن اتفاقية الحدود قد شغل الجانبين في غضون “وساطات” تصدرت كل جهد قام به الوفد الكويتي في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها السنوية في نيويورك.
وسوى ذلك الكثير من الازمات والمشاكل والحروب التي كانت أبرز الهموم اليومية في نشرات الاخبار اليومية قبل يوم السابع من أكتوبر، ثمّ سكت كل شيء، وإن لم ينته او يسكت في حقيقته، لكن عنوان قضية فلسطين التي جددتها هذه الحرب، كان الخيمة التي غطت كل ذلك الضجيج العالمي. لذلك بات من اليسير اتخاذ يوم السابع من أكتوبر نقطة فاصلة في التاريخ العربي الحديث، وتاريخ قضية فلسطين التي لن تموت أبداً.
رئيس التحرير- الطبعة الدولية