فاتح عبد السلام
اعتدنا على أن تستعرض اية حكومة جديدة في العراق «عضلاتها” الافتراضية في متابعة الشؤون العامة للمواطنين، عبر لقطات إعلامية، بما يوحي بوجود إرادة قوية لمراقبة القطاع العام والخدمات والوزارات. بعد ان تنتهي الشهور الثلاثة او الأربعة، تفتر الهمة وتتراجع الإرادة لصالح مراكز القوة في المشهد السياسي وتعود حليمة لعادتها القديمة. هذه الظاهرة ستبقى مستمرة ليس لها نهاية لا مع إقرار القوانين الحقيقية القابلة للتنفيذ الحرفي ضد الفساد.
في وجود الفساد، وإطلاق ايدي الفاسدين خارج القوانين، لا يكون لاي شعار وطني فرصة للتطبيق، كما ان الشعارات من اجل قطاع غزة والمسجد الأقصى لن يكون من نصيبها التحقيق، فلا يستطيع فاسدون ان يجسدوا إرادة الامة في دعم قضايا القومية العادلة ونصرة المظلومين. تلك هي المعادلة، لذلك لا تبدو اية دعوة باتجاه غزة تنطلق من الوضع العراقي المتضعضع بالفساد مقنعة لأحد أبداً، لاسيما العراقيين الذين يعرفون حقيقة ما يجري.
علينا ان نخوض معاركنا الحقيقية عبر مؤسسات معافاة ضد الفساد الذي لا تبدو له نهاية، ومن أجل بناء دولتنا القوية ذات السيادة القائمة على التنمية الصحية والاستثمارات الوطنية غير التبعية، الدولة التي ترسخ قواعد علمية في الجامعات بحسب تخصصات مرتبطة برؤية استراتيجية لبناء البلد، الدولة التي تعرف كيف تعيد المجد لصناعاتها الوطنية، وكيف تكتفي ذاتيا من زراعتها، لاسيما في المحاصيل المتعلقة بالأمن الغذائي.
الوقت لا يسير لصالح البلد ابداً، والشكليات الواجهية المفتعلة، ليست الا مجموعة رتوش ستذوب مع اول زخة قوية من زخات استحقاقات التغيير نحو الأفضل التي يحلم بها كل عراقي، ولم يجد حتى الان منذ عقدين اية جهة قادرة على تحويل أحلامه المشروعة والممكنة الى واقع يحمل «سمات الهوية» الوطنية العراقية التي يفتخر بها.
اجل، معركتنا تكمن في أن يكون لنا هوية، لا يمزقها الفساد ولا تعبث بها التبعية ولا يرمي بها الجهلة في مهب ريح الزمن. بعد ذلك، نستطيع ان نسهم في اية قضية قومية خارج حدود البلد.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية