فاتح عبد السلام
في الصحافة الإسرائيلية في خلال الأسبوع الأخير، لوم كبير على الغاء وزارة الاعلام في الحكومات الأخيرة. وظهر هذا اللوم الممزوج بالندم في اعقاب تصريحات الرهينة المسنة (85 سنة) التي أطلقها المقاومون في غزة وقامت بشكرهم ووصف تعاملهم بالإنساني في مؤتمر صحفي مباشر امام العالم لم تتمكن الأجهزة الإسرائيلية من القيام بالتدخل في مونتاج التصريحات، وكان ذلك عامل نسفط لكل السردية الإعلامية لتل ابيب منذ انطلقت الحرب الجديدة. كان الاعتقاد السائد لدى الحكومات الإسرائيلية هو انه لا توجد حاجة لوزارة اعلام، فقد ترسخت الصورة الإسرائيلية في عواصم مراكز القرار بالعالم، وان هناك مجالات في عالم الاستثمار في حقول الميديا والسياسة الدولية تسد أي نقص في عدم وجود جهاز واحد هو وزارة الاعلام. هذا الرأي الى حد ما صحيح، وأثبتت صحته العقود الماضية، منذ اعلان إسرائيل كدولة في الأمم المتحدة العام 1949. لكن الذي غاب عن التصورات الإسرائيلية ان هناك مساحات مضادة من الرأي العام الشعبي في دول العالم، التي تنمو و تتحرك فيها جاليات فلسطينية وعربية وإسلامية، وتبدو متحدة في وقفاتها عند حدوث حروب تتجلى فيها القوة العسكرية الإسرائيلية في النيل من التكوينات المدنية الفلسطينية.
من جهة أخرى، لابد من القول انّ الصحافة الإسرائيلية أظهرت قدراً واضحاً «نسبيا» في الاستقلالية عن رؤية رئيس الحكومة والمنفرد بالقرارات الكبرى بنيامين نتانياهو ، اذ تعرض لنقد واضح على مجمل قراراته وتعامله مع الازمة الاخيرة ، وبالرغم من وجود روح التصفيات السياسية الدفينة في المشهد الإسرائيلي الداخلي، إلا انّ هذا أمر لا تتوافر عليه الصحافة العربية في بلداننا لاسيما في أيام الحروب .
ما يميز ما يكتب في الصحافة الإسرائيلية الموجهة للداخل طبعا، هو حضور الأسئلة المواجهة لأي قرار سياسي، من اجل وضع أي مسؤول امام واجباته والاستحقاقات التي سيحاسب عليها. هناك رأي ضاغط باتجاه الاستفسار عن اتجاه البوصلة الإسرائيلية بشأن واقع قطاع غزة بعد الهجوم البري المتوقع الذي يستهدف القضاء على حركة حماس، وكذلك بشأن إعادة انتاج مفهوم الامن الإسرائيلي ليس من خلال القوة وانما السياسة، فضلا عن أسئلة تحاكم روية صاحب القرار لمصير الرهائن والأسرى الجدد في غزة.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية