فاتح عبد السلام
الرسالة الأساسية التي نقلتها قمة القاهرة التي فشلت بامتياز واضح، هي ابلاغ العالم انّ دول الجوار ترفض ان تكون جهة محتملة لتهجير الفلسطينيين من أهالي غزة لأسباب امنية من وجهة نظر اسرائيلية. والرسالة الثانية هي انّ الحرب الجارية هي نتاج إصرار إسرائيل على رفض قرارات المجتمع الدولي في حل الدولتين كطريق لإنهاء الصراع. وهناك رسالة ثالثة لم تعد تهم احداً كثيراً وهي ضرورة ان يجري التعامل بالتساوي بين شعبين وليس التمييز العنصري بالقوانين والإجراءات في أوقات ما قبل الحرب، فكيف الحال بعد ان اندلعت الحرب. كل هذه الرسائل ليس فيها جديد، وحاولت الدول العربية الاحتماء بها كونها الحد المتاح من المنجز الذي تقدمه امام استمرار قتل المدنيين بالقصف الذي لم يدع مكانا آمنا في القطاع الضيق والمزدحم.
أهالي غزة ينتظرون إيقاف القصف بعد ان تجاوز عدد ضحاياهم الأربعة الاف معظمهم من الأطفال والنساء، ولا يوجد أي دليل ملموس على خسائر حقيقية في جسم القوات التي هاجمت غلاف غزة في يوم السابع من أكتوبر.
قمة القاهرة، كانت لهدف مصري أولاً، ومن ثمّ الجانب الذي يخص غزة كوضع انساني، وبالنتيجة لا يوجد أي منجز يعود بالنفع لأهالي غزة المحاصرين تحت النيران ومن دون بنية تحتية تديم الحياة بوضع بشري سليم. حتى مسألة ادخال المساعدات الإنسانية جُيرت على انها منجز للرئيس الأمريكي بايدن حين زار تل ابيب، وهي مساعدات عشوائية لا تتوافر على الوقود الذي يديم المستشفيات ومحطات توليد الطاقة الكهربائية الطارئة، كما انها لم تبلغ نسبة العشرين بالمائة من الكمية الواجب تدفقها الى غزة لإغاثة مليونين واربعمائة ألف نسمة في أوضاع حرب وتهجير داخلي مستمرة.
نعرف انّ هناك معاهدة سلام بين القاهرة وتل ابيب، وانّ قطاع غزة تحت الرعاية المصرية التوافقية منذ عقود، لكن يبدو انه لا يوجد أي تأثير لفاعلية هذا « السلام « بين مصر وإسرائيل في وضع حد للهجمات الإسرائيلية على طريق مسح المساحات السكانية في شمال القطاع لتوفير ميادين إضافية للوقاية الامنية بحسب نفس النظرية الأمنية الإسرائيلية القديمة التي ظهر بعد عقود انها لا توفر الامن حتى لتل ابيب ذاتها ، بحسب ما رأيناه من شهادات لسكان تل ابيب في وصف أوضاعهم الحياتية المتسمة بالجحيم حين تهدر صافرات الإنذار بين ساعة واخرى طوال الليل، منذ اندلاع الحرب الجديدة.
قمة القاهرة الفاشلة اضافت عبئاً على العرب المحطمين والمشلولين ، لأنها بدت في المشهد كأعلى سقف للإرادة العربية.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية