كل إنسان ينقصه شيء ما
احمد عباس الذهبي
أن كل إنسان ينقصه شيء ما
قالَ lلمدائني: رأيتُ بالباديةِ امرأةً لم أرَ أجمل منها قطi
فقلتُ: واللهِ هذا فِعلُ صلاح الدُنيا وlلسُرور بك
فقالتْ: كلا، واللهِ إنَّ لديَّ أحزان، وخلفي هُموم، وسأُخبركَ:
كانَ لي زوج، وكانَ لي منه ابنان،
فذبحَ أبوهما شاةً يوم عيد الأضحى، والولدان يلعبان،
فقالَ الأكبرُ للأصغر: أتريدُ أن أُريكَ كيف ذبحَ أبي الشاة؟
فقال: نعم.
فقامَ إليه يُلاعبه، فإذا به قد ذبحه!
فلمَّا نظرَ إلى الدمِ فزعَ وهربَ نحو الجبل، فأكله الذئب.
فخرجَ أبوه في طلبه فوقعَ وماتi
فقلتُ لها: وكيف أنتِ والصبر؟
فقالتْ: لو دامَ لي لَدُمْتُ له، ولكنه كانَ جُرحاً فاندمل!
لا تخدعنَّكم المظاهر، الناسُ صناديقُ مُغلقة.
فلا تحكموا على الصندوقِ فإنَّ فيه ما لا ترون!
والناسُ كالكُتبِ فيهم ما لا يُمكن معرفته بالنظرِ إلى الغلافِ فقط!
خلف الضحكات جروح غائرة يُحاولُ الناسُ كِتمانها عن الناس،
فلا ترَ إلا ما ترى!
وراء بعض النِعم الظاهرة حرمان قاتل،
يتجرَّعه صاحبه بمرارةٍ ولا يدري به إلا خالقه!
والسعادةُ التي تحسبها كاملة، أنتَ لا تدري إن كانتْ مجرد غلاف لصفحاتٍ،
أنتَ لا تعلمُ حرفاً عمَّا فيها!
الصورُ في مواقعِ التواصلِ ليستْ إلا ثمرة جوز،
إنها القشرة الصلبة فقط، في الداخلِ أشياء هشة جداً!
هذه الدُنيا دار نقص، ولا تكتمل لأحد،
ثِقْ أن كل إنسان ينقصه شيء ما، فمُر هيناً كل إنسان فيه ما يكفيهi
قرأتُ خبراً عن صحفيٍّ في جريدة نيويورك تايمز تطوَّعَ لتجربة الذكاء الإصطناعي لشركة مايكروسوفت.
كل شيءٍ كان مبنياً على معادلاتٍ ثابتةٍ، lفعَلْ كذا ستحصل على كذا، إن قيل لكَ كذا فقُلْ كذا، لا أحاسيس ولا مشاعرَ لا تسديد ولا مقاربة، كانت الحياة برُمَّتها عبارة عن درس رياضيات.
بعد فترةٍ صرخَ فيهم قائلاً: أريدُ أن أتوقف فوراً، أريدُ أن أمتلك المشاعرَ، أريدُ أن أكون إنسانا، وأنتَ تخوض غمار الحياة اِحذَرْ أن تصبحَ آلة.
وأنتَ في طريقكَ إلى قمة النجاح لا تدُسْ على الناس لتصل، ما فائدة أن يربح الإنسان العالم ويخسر نفسه.
وأنتَ في طريقكَ إلى جمع المال لا تتحول إلى حسابٍ بنكيٍّ قيمته بقدر ما يتضخم الرقم فيه!
وأنتَ في طريقكَ لبناء بيتٍ جميلٍ لا تنسَ أنَّ أهمَّ من شكل البيت هو شكل الأُسرة التي تعيشُ فيه، ما فائدة القصر الواسع وقد ضاقَ صدر ساكنه! وما فائدة أساور الذهب إذا ما غدتْ قيوداً في معاصم لابسيها.
لا شيء غير المشاعر يجعلنا بشراً، ونحن بدونها مجرد آلاتٍ غبيَّة!
صخرة أنتَ إن لم يحرككَ القرآن، وتهزَّكَ الجنازةُ وهي تمرَّ أمامكَ!
حجرٌ أنتَ إن لم يرتجف قلبكَ لمشهد طفلٍ يرتجفُ في خيم اللجوء!
قطعة خشبٍ أنتَ إن لم يدمِ قلبكَ مشهد الناس تحت الأنقاض!
كومة ركام أنتَ إن لم تغلِ غضباً
آلة أنتَ إن لم تُشفِقُ على زوجةٍ متعبة، ولم تساعد أخاً محتاجاً، ولم تواسِ جاراً محزوناً، ولم ترحم صديقاً مكسوراً.
لم تصِلْ أبداً إن لم تمدَّ يدكَ إلى متعثرٍ في طريقِ صعودكَ وإن قالَ الناسُ أنكَ وصلتَ.